الأحد، 2 أبريل 2017

إرهابيو سوريا موظفون لدى CIA

البديل
إرهابيو سوريا موظفون لدى CIA

قالت صحيفة «الحياة» السعودية، الصادرة من لندن في عددها الصادر في الأول من أبريل الجاري، إن قياديًّا في «المعارضة السورية المسلحة» قد صرح لها بأن مسؤولين في غرفة العمليات العسكرية جنوب تركيا المعروفة باسم «موم»، والتي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «CIA» على حد قول القيادي، قد أبلغوا قياديين في فصائل مدرجة على قوائم الدعم المالي والعسكري بـ«وجوب الاندماج في كيان واحد برئاسة العقيد فضل الله حاجي، القيادي في «فيلق الشام» قائدًا عسكريًّا للكيان الجديد، مقابل استئناف دفع الرواتب الشهرية لعناصر الفصائل وتقديم التسليح، بما فيه احتمال تسليم صواريخ تاو الأمريكية المضادة للدبابات».

وذكر القيادي أن القرار يشمل بين 30 و35 ألف عنصر في الفصائل المنتشرة في أرياف حلب وحماة واللاذقية وإدلب، بينها «جيش النصر» و«جيش العزة» و«جيش إدلب الحر» و«جيش المجاهدين» و«تجمع فاستقم كما أُمرت» والفرقتان الساحليتان الأولى والثانية، وقال القيادي إن «سي آي إيه» فرضت الاندماج على المشاركين ولم يبق أمامنا سوى القبول به».

للمرة الأولى يقر أحد القيادات الحرب على الشعب والدولة السوريين مباشرة بقيادة المخابرات الأمريكية لتحركات الفصائل الإرهابية، فغرفة العمليات العسكرية المذكورة تُعد الأكبر والأكثر تطورًا إذا ما قورنت بمثيلتها في الأردن المعروفة باسم «موك»، ولطالما تواترت المعلومات خلال السنوات الماضية عن تواجد ظباط وعناصر المخابرات الأمريكية والتركية والقطرية والسعودية بها، مع إدارتها الواضحة للعيان لعمل الفصائل الإرهابية في شمال سوريا وتحركاتها ودعائمها اللوجيستية والتسليحية والتخطيطية والبشرية، في مقابل إدارة غرفة الأردن للعمل الإرهابي في جبهة الجنوب السوري.

وها هي الحقيقة تتضح بأن الأمر لا ينحصر في التسليح والدعم اللوجيستي «وهما مُعلنان من جانب الإدارة الأمريكية للفصائل التي تطلق عليها صفة الاعتدال» بل يشمل رواتب الإرهابيين وأرزاقهم المغموسة بالدم السوري، لتنسف وإلى الأبد أسطورة «الثورة السورية» التي دعمها كل استعماريي العالم وطواغيته منذ اللحظة الأولى وقامت على التبعية والعِمالة والطائفية والدمار والتقسيم كمنطلقات مبدأية.

يأتي التصريح في سياق سياسي كامل للحرب على سوريا، يشمل العديد من التطورات ولا سيما الصادرة عن الإدارة الأمريكية الجديدة تحديدًا، وأهمها التصريح الأمريكي الأخير للمتحدث باسم البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة تقبل بواقع حكم الرئيس السوري وإدارته لسوريا، وأن إسقاطه لم يعد أولوية أمريكية وإنما الأولوية لمحاربة داعش والإرهاب هناك، وما صحب التصريح من تحركات عسكرية أمريكية على الأرض، في محيط محافظة الرقة السورية، المعقل الرئيس لداعش، من إنزال جوي للقوات الخاصة الداعمة لـ«قوات سوريا الديموقراطية» الكردية في مسعاها لتطويق داعش داخل مناطق تواجدها بالمحافظة.

وبعد تصريح أسبق لمستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط باتجاه الولايات المتحدة لـ«تسليم» الرقة بعد السيطرة عليها وطرد داعش منها إلى «العرب السُنّة» على حد قوله، وتوكل إليهم حماية المحافظة وإقامة مؤسسات مجتمع مدني فيها كي لا تقع مرة أخرى في قبضة «مجموعات متطرفة»، فضلًا عن البيان الأخير للمبعوث الأمريكي إلى سوريا مايكل راتني، الذي اعتبر فيه أن تنظيم أحرار الشام، جزء مما سماه الثورة السورية، في مقابل هجوم البيان على جبهة النصرة، التي غيرت اسمها إلى فتح الشام.

على الأرض، يعبِّر إلزام وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للمقاتلين والفصائل التابعين لها، بالتوحد في مقابل المال والدعم العسكري عن توجه آخذ في التنامي منذ وصول الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وإدارته إلى سدة الحكم، وبذلك تتضح ملامح هذا التوجه أكثر ومن خلال عدة نقاط منها:

أولًا: الاستجابة لواقع أن الفصائل الإرهابية كثيرة العدد ولا تتمتع بأي شكل من أشكال الوحدة أو التجانس التنظيميين، رغم اندماج العديد منها مع بعضها بعضًا، ورغم ائتلاف آخرين منها في جبهات وهيئات مشتركة، وبصرف النظر عن «الاعتدال» بالمفهوم الأمريكي من عدمه، فإن حالة الفوضى والسيولة السابقة والحالية في تكوين تلك الكيانات أصلًا، ونشاطها وأماكن تواجدها وعملها لن يسمح بأي تقدم لصالح أي طرف من أطراف الأزمة، باستثناء الطرف السوري وحلفائه في حالة قضائه عليها عن بكرة أبيها، وهو خيار بديهي لكنه شديد الصعوبة عمليًّا، على الأقل في ظل استمرار الدعم الدولي لهم بالأشكال كافة، وهو دعم ليس أمريكيًّا فقط بأي حال.

ثانيًا: الإقرار ضمنيًّا بالمعادلة الروسية الموضوعة على الطاولة منذ نهايات العام الماضي، مع تحرير حلب واتفاق وقف إطلاق النار الكبير، والقاضية بأولوية فرز الفصائل إلى قسم يقبل بالحل السياسي، والتفاوض من أجل إنهاء الحرب ولو على المدى الطويل وقسم آخر لا يقبل بالحل السياسي، وبطبيعة الحال واتباعًا للأسلوب الأمريكي العتيد في استخدام الأطراف التابعة ضد أو مع بعضها بعضًا بما يتوافق مع المصلحة الأمريكية، ستستخدم أمريكا من يقبل بالانضمام تحت القيادة الموحدة ضد من لا يقبل، باعتبار الأخير إرهابيًّا، وضد داعش بالتعاون مع «قوات سوريا الديموقراطية» التابعة والمسلحة أمريكيًّا بدورها، مع وعد المنضمين بالأموال والتسليح والأهم؛ دور سياسي في مستقبل سوريا مع أو بدون إدارة الرئيس الأسد، وبذلك تكون الإدارة الأمريكية قد نجحت في التخلص من عبء التنظيمات «غير المعتدلة» التي خلقتها إدارة اوباما، وفي الوقت ذاته استخدمت وكلاءها الرسميين الجدد الاستخدام الأمثل لهم، وهو القضاء على أعدائها بدون تورطها في القتال بنفسها طبعًا، بالإضافة إلى حيازتهم موقعًا سياسيًّا غير مسلح ـ أي آمن ومحصن ضد الانتقادات الروسية والدولية ـ داخل سوريا.

ثالثًا: فك عقدة محافظة إدلب بالتوازي مع فك عقدة محافظة الرقة، فالأمر الملزِم الصادر أمريكيًّا ستترتب عليه أصداء شديدة التأثير داخل إدلب التي يحتلها الإرهابيون بالكامل وتحكمها هيئة تنسيقية ائتلافية جامعة هي «جيش الفتح»، الذي رعى تكوينه ظابط الارتباط في الاستخبارات السعودية عبد الله المحيسني، ويتشكل رئيسي من 8 فصائل كبيرة، انضمت 3 منها إلى هيئة ائتلافية أخرى شكلتها وتقودها جبهة النصرة «تسمى هيئة تحرير الشام» مع جناح من فصيل «أحرار الشام» الذي انقسمت قواه بين الهيئتين.

ومن هنا سينقسم الوضع داخل إدلب، بين تنظيمات ستقبل الانضواء تحت أحد قياديي «فيلق الشام» «أي فضل الله حاجي الموكّل من المخابرات الأمريكية» وهو أحد مكونات «جيش الفتح»، ومن ثم تتجه لشرعنة وضعها في السياسة الإقليمية والدولية والبقاء تحت المظلة الأمريكية الآمنة، وتنظيمات أخرى لن يكون أمامها إما الاستقلال وانقطاع الدعم عنها، أو الانضمام إلى الهيئة الموسّعة الأخرى التي تقودها النصرة التي تم تصنيفها دوليًّا كتنظيم إرهابي، وبالتالي قد يفتح ذلك الانقسام الباب لحل معضلة إدلب التي ترتكز فيها قوى الإرهاب المدعومة تركيًّا وأمريكيًّا بشكل كثيف بات معقدًا، ولا سيما مع تأجيل الجيش العربي السوري للحسم العسكري فيها، وانضمام العديد من الفصائل المسيطرة عليها إلى ائتلاف النصرة الذي صنفته أمريكا وحلفاؤها إرهابيًّا بعد أن صنعوه.

The post إرهابيو سوريا موظفون لدى CIA appeared first on البديل.


ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة عربي التعليمية 2015 ©