البديل
سنوات من الكفاح بجانب عرفات لم تحميه من التشرد في غزة
كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يولي اهتماما خاصا للفدائيين والمقاومين الذين ينضمون لصفوف المقاومة الفلسطينية غير الفلسطينيين، إذ كان يعتبرهم إرثا لا يستهان به وذراعا قويا في المقاومة الفلسطينية، فيصرف لهم رواتبا ممتازة لمعيشتهم ويتكفل بسكنهم وتنقلهم من خزينة منظمة التحرير ومن ثم السلطة الفلسطينية، نماذج كثيرة في مناطق مختلفة من فلسطين، انضم لها فدائيين من دول عربية وإسلامية عديدة، جميعهم آمنوا بالقضية الفلسطينية العادلة، وبضرورة المقاومة للتحرير، واحتضنهم عرفات ولم يخذلهم قط.
بعد رحيل عرفات، وتغير القيادة الفلسطينية، تغيرت أولوياتها أيضا، إذ أصبح شعار السلطة الفلسطيني بعد عرفات هو السلم والسلام ونبذ جميع الأعمال الفدائية المسلحة، كذلك تم قطع المعونات عن عدد كبير من الفدائيين الذين قاوموا في لبنان بجانب عرفات، والذين قرروا الاستقرار في فلسطين.
الفدائي الذي يتحدث عنه هذا التقرير، لثائر إيراني الأصل، جاء لقطاع غزة مع الزعيم الراحل ياسر عرفات قبيل عام 1994، بعدما كان في مشواره النضالي كتفا لكتف بجانب عرفات في عدد من المعارك، إلى أن فضل الاستقرار في غزة، كونها أرض في رباط إلى يوم الدين.
العجوز قاسم شياصي، إيراني الأصل، (80 عاما)، يعيش الآن ظروفا صعبة، نتيجة إهمال المسؤولين له ولدوره النضالي العظيم في الدفاع عن فلسطين، وتبدو قصته، كوصمة عارٍ على جبين القيادة الفلسطينية التي تنادي بالتحرير بمختلف أشكالها.
شباصي بدأ مسيرته النضالية بدافع حبه لفلسطين، حيث تبرع بأن ينضم للجيش الفلسطيني في لبنان إبان جمع الشهيد عرفات لمقاومين هناك، ثم انتقل بعدها بجانب عرفات إلى اليمن، في رحلة نضالية استغرقت 12 عاما، عاش خلالها مرحلة النضال والمقاومة والكر والفر، لكنه الآن يقول بحسرة شديدة، إن حياته قد انتهت بعد دخوله لغزة.
ويقول إن وضعه المادي كان جيد جدا بعد وصوله لغزة بسنوات قليلة، فتزوج واحدة واثنتين وثلاثة من الفلسطينيات اللواتي ارتأى فيهن خير مربيات لجيلٍ مقاوم، وكان يعيل أسرته من راتبه كموظف عسكري تم تعيينه بإشراف الشهيد عرفات، وبعد موته، لم يعترف به أحد على حد تعبيره لأنه إيراني ولا يحمل الجنسية الفلسطينية، وتحول حينها لمتسول يجمع قوت أبنائه.
وكان شياصي يعيش في منزل يحتوي جميع أفراد عائلته في خانيونس، لكن تم تدميره في الحرب الأولى على قطاع غزة عام 2008، ولم يستطع الحصول على تمويل لإعادة بناء منزله المدمر؛ لأنه إيراني، بحسب إفادة العائلة، ما جعلهم ينتقلون إلى السكن بالإيجار، الأمر الذي أوصل حالتهم المادية إلى أسوأ حالاتها.
وتشتكي العائلة من مكان سكنهم، واصفينه بالسيء جدا حيث يقرب من مكب نفايات والبيوت في المنطقة غير مجهزة تماما للسكن، فالسقف من الزينكو، ما جعل أفراد عائلته تعاني من أمراض خطيرة كالسرطان الذي تعانيه إحدى بناته، والأمراض النفسية التي تعاني منها إحدى زوجاته التي تصف حال زوجها بأنه أصبح غير قادر على توفير العلاج، دون أي رحمة أو عطف من أي جهة مسؤولة، ما يجعل زوجها دائم البكاء والحنين إلى بلاده، قائلاً إن إيران ستكفل له ولعائلته حياة كريمة.
ونتيجة للوضع المأساوي الذي يعيشه شباصي، أصبح يعاني من أزمات نفسية، فأصبح دائم الصراخ، ويحمل صوره مع الراحل عرفات، صارخا: أريد أن أذهب لقبر عرفات وأخبره بما حدث معي، فأنا أموت هنا ولا يشعر بي أي أحد”.
وكان شباصي ترك عائلة كاملة له في إيران ليشارك في الثورة الفلسطينية، ويقول إنه كان يتواصل معهم قبل أكثر من 20 عاما، لكن الاتصال بينهم انقطع، ولا يعلمون شيئا عنه الآن، وفي ظل سوء حالته وتدهورها، يطالب الآن بالعودة إلى بلاده للعلاج على الأقل، فهو يشتكي من أمراض عديدة، مناشدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس حكومة حماس السابق إسماعيل هنية، بمساعدته في العوده لبلاده لتلقي العلاج، قائلا: أرجعوني لبلادي لأموت فيها.. كفاني فقر وهم.
The post سنوات من الكفاح بجانب عرفات لم تحميه من التشرد في غزة appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات