الخميس، 1 يونيو 2017

السودان تستمر في التصعيد.. قرار حظر استيراد منتجات مصر سياسي أم فني؟

البديل
السودان تستمر في التصعيد.. قرار حظر استيراد منتجات مصر سياسي أم فني؟

يومًا تلو الآخر يتصاعد التوتر بين السودان ومصر، في ظل تسارع القرارات التي تتخذها الخرطوم، وآخرها وقف نهائي لاستيراد المواد الزراعية والحيوانية المصرية، الأمر الذي يراه البعض بأنه لا يصب في صالح البلدين، في المقابل تحاول القاهرة احتواء التوتر عبر تصريحات مهادنة دبلوماسيًّا، وذلك من أجل الحفاظ على شعرة معاوية في العلاقة مع السودان التي يربطهما مصالح جمة وتهديدات كثيرة تتربص بكليهما.

قرار مجلس الوزراء السوداني الثلاثاء بحظر استيراد السلع الزراعية والحيوانية المصرية ووقف استيراد أي أشتال تكون مصر مصدرًا لها هو نهائي، ويعبر عن عمق الرغبة السودانية في التصعيد تجاه القاهرة، الأمر الذي من الممكن أن يعمق الخلافات الدائرة بين البلدين، لا سيما وأن مصر تعد من أكبر مصدري المواد الغذائية للخرطوم، كما أن منتجات عدد من البلاد العربية تمر عبر أراضيها إلى السودان، الأمر الذي يثير تخوفات من أن يتخذ الموقف الأخيرة أبعادًا أخرى أكثر احتدامًا، ما لم يتم الإسراع في احتوائه.

وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا” قالت إن رئيس الحكومة الفريق أول ركن بكري حسن صالح أصدر قرارًا أكد فيه «حظر السلع المصرية الزراعية ومنتجاتها عبر الموانئ والمعابر الحدودية والموجودة داخل الحظائر الجمركية الواردة من جمهورية مصر العربية»، كما أكد أن اتحاد أصحاب العمل «سيعمل على استيراد السلع مباشرة من المنشأ دون عبورها بجمهورية مصر العربية».

وطالب رئيس الوزراء السوداني في القرار النهائي بحظر «السلع الأربع اللبن والسكر والشاي والزيت ذات المنشأ غير المصري ونوعها وحجمها ومستورديها وتاريخ وصولها إلى الموانئ السودانية ورفع تقرير لرئاسة مجلس الوزراء».

واستبقت السودان هذا القرار بعدة قرارات واتهامات في الآونة الأخيرة قد تضر كثيرًا بالعلاقات المصرية السودانية، بدءًا من تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير أن القاهرة تدعم متمردي دارفور، مرورًا بفرض حظر شامل على السلع الزراعية المصرية في مارس الماضي؛ مما عزز القيود التي كانت قد فرضتها بداية سبتمبر لحظر الفواكه والخضراوات والأسماك المصرية؛ بدعوى وجود تهديدات صحية، وصولًا إلى القرار الأخير الذي تضمن الحظر النهائي.

ولا توجد أسباب واضحة أبداها الطرفان المصري والسوداني من لاتخاذ الخرطوم هذه الخطوة، وإن كانت القاهرة أكدت في أول تصريح رسمي لها ردًّا على هذا القرار عبر وزارة الزراعة أن الوزارة ليست لها علاقة بالسياسة، ولا تتدخل فيها، لافتًا إلى عدم وصول إخطار رسمي من جانب دولة السودان بحظر أي محاصيل تصدرها مصر، فيما قال المتحدث باسم الخارجية في وقت سابق ردًّا على قرار مماثل عما إذا كان ناجمًا عن خلافات سياسية، قال «لم يقولوا (السودانيون) إن هذا إجراء سياسي، بل قالوا إنه إجراء فني»، لكن يرى متابعون للعلاقات المصرية السودانية أن جميع المؤشرات تؤكد أن قرار حظر استيراد السلع المصرية يأتي في سياق أزمة محتدمة بين البلدين، وما خفي منها كان أعظم.

مؤشرات عدة تؤكد أن القرار سياسي ليس فنيًّا، فبالإضافة إلى التصريحات المصرية التي تعبر عن الصدمة من اتخاذ مثل هذه الخطوة في ذلك الوقت، كان من المفترض أن يزور وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور القاهرة في هذه الفترة، إلا أنه أعلن الاثنين الماضي عن تأجيل زيارته إلى أجل غير مسمى؛ بسبب «انشغالات داخلية».

كما أن القرار يأتي بعدما شنت القوات المسلحة المصرية غارات على مناطق تحوي إرهابيين في ليبيا؛ ردًّا على الهجوم الذي استهدف حافلة تقل أقباط الجمعة الماضية، وأسفر عن مقتل العشرات، ولدى السودان خلافات عميقة مع مصر في هذا الملف، كما أنها تربطها علاقات مع المليشيات المسلحة في ليبيا والقريبة من التيار الإسلامي، والتي ترفض الضربات المصرية.

كما يأتي القرار السوداني بعد أيام قليلة من تعزيز الجيش المصري لحضوره في المثلث الحدودي الرابط بين مصر والسودان وليبيا، وهو أمر فسره البعض بأنه نتيجة تأكد القاهرة من وجود مخاطر حقيقية آتية من هذه المنطقة، فمن ناحية ليبيا هناك اضطرابات أمنية وانشغال القوات  الليبية العسكرية بمعارك داخلية، ومن ناحية السودان هناك مخاوف من تراخي القبضة السودانية في هذا الجانب، لا سيما وأن هناك محللين سودانيين أكدوا ان مصر تخشى من ملاعبة ومقايضة الخرطوم بورقة الإرهابيين الذين قد تغض الطرف عن عبورهم تجاه الحدود المصرية، في وقت تشهد فيه العلاقات السودانية المصرية توترًا شديدًا.

ويستبعد محللون أن ترد القاهرة على قرار الخرطوم الأخير والتصريحات التصعيدية السودانية تجاه مصر، لا سيما وأن بيانات القاهرة وتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عكست بما لا يدع مجالًا للشك رغبة مصرية في عدم التصعيد والالتزام بسياسة ضبط النفس، خاصة وأن القاهرة تدرك أن تبادل التصعيد مع الجانب السوداني سيجر مصر لمعترك عواقبه غير محسوبة.

ويأتي هذا التصعيد السوداني في وقت تشهد فيه علاقات مصر والإمارات والسعودية مع قطر أزمة واسعة على خلفية التصريحات المنسوبة لأمير دولة قطر عن المنطقة العربية، وهو ما ربطه كثيرون بأنه محاولة للتضامن السوداني مع الحليف القطري الذي يقدم الدعم الكامل لنظام عمر البشير.

The post السودان تستمر في التصعيد.. قرار حظر استيراد منتجات مصر سياسي أم فني؟ appeared first on البديل.


ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة عربي التعليمية 2015 ©