البديل
الحروب ومليارات ترامب.. أمور تعصف برؤية السعودية 2030
وجهت الأزمة الخليجية مزيدًا من الأنظار نحو أطرافها المتخاصمة وخاصة المملكة العربية السعودية، حيث باتت سياساتها ومنها الاقتصادية مادة خصبة لتقارير خبراء رصدوا مختلف المؤشرات التي يفترض بها أن تقدم صورة دقيقة تفند الأوضاع الاقتصادية فيها.
وفي الوقت الذي تنام فيه المملكة السعودية على ثروة نفطية هائلة، نجد أن معالم التدهور الاقتصادي ما زالت ترتسم عليها، فالفقر والحاجة والبطالة ما زالت تعاني منها الطبقات الدنيا، كما أن سوء الحالة الاقتصادية بدأ ينعكس على الوافدين الساعين وراء لقمة العيش في أرض الذهب الأسود.
في الوقت الحالي تتحدث المملكة السعودية عن أن عجز موازنتها بلغ في النصف الأول من العام الجاري قرابة 20 مليار دولار أمريكي فقط، ويبدو أن الرياض تعتبر أن هذا الرقم يشكل إنجازًا كبيرًا حققته المملكة، إذا ما قورن بالسنة الماضية والذي بلغ 87 مليار دولار، هذا الإنجاز إذا صحّت التسمية يشكك فيه خبراء اقتصاديون، فالسعودية لم تفصح عن كل الحقيقة. ويقول الخبراء بأن العجز كان يفترض أن يكون أقل من ذلك بكثير، بفعل عدة عوامل، منها ارتفاع مداخيل النفط لأعلى مستوياتها في الثلاث سنوات الأخيرة، وخطط التقشف وتقليص الإنفاق، بالإضافة إلى زيادة الضرائب والرسوم بشكل غير مسبوق على الوافدين والمواطنين بل وحتى الحجاج والمعتمرين.
وكشف المعهد الدولي للتمويل عن استمرار تراجع الاقتصاد السعودي لهذا العام أيضًا، فقد تراجع نمو اقتصاد البلاد من نحو 4.1% في عام 2015، إلى 1.4% العام الماضي، ويتوقع أن ينكمش هذا العام إلى 0.4%. هذه التطورات تأتي مع محاولات السعودية تجنيب الاقتصاد الأسوأ عبر لجوئها للاستدانة من الأسواق الدولية لأول مرة منذ عقود، حيث جمعت سندات بقيمة 17.5 مليار دولار في أكتوبر من العام الماضي، وأضافت إليها هذا العام 8 مليارات أخرى من الصكوك، لكن كل هذا لا يساوي إلا القليل أمام مبلغ 460 مليار دولار قيمة اتفاقيات التعاون العسكري مع الولايات المتحدة التي وقعها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي جلب لمواطنيه عبر هذه الصفقة ملايين الوظائف، وهو الأمر الذي لم ينعكس بالمثل على سوق الوظائف السعودية، فنحو مليون شاب سعودي يبحثون عن وظيفة، حيث ارتفع معدل البطالة من نحو 11.5% في عام 2015، إلى 12.3% العام الماضي، وبلغ في الربع الأول من هذا العام نحو 12.8%.
الكاتب الاقتصادي السعودي، عصام الزامل، أشار إلى أن هناك فجوات في البيانات الرسمية السعودية بشأن البطالة، وقال إنه بناءً على تلك البيانات فإن قوة العمل في عام 2017 ستكون أكثر من 6 ملايين ومائتي ألف شخص، أما عدد العاطلين فسيبلغ مليونين ومائتي ألف شخص، وبالتالي فإن نسبة البطالة يفترض أن تكون بين 18% و20%.
ويرى معهد التمويل الدولي أنه سيكون من الصعب استيعاب السعودية الوافدين الجدد إلى سوق العمل فيها، في ظل الانخفاض الكبير للنمو خارج قطاع النفط، وهو ما يجعل رؤية 2030 بحسب الخبراء غير منسجمة مع أدواتها المرحلية من جهة ومع الواقع الاقتصادي السعودي من جهة أخرى، فالأصول الخارجية للسعودية خسرت أكثر من 240 مليار في سنة، حيث كانت 737 مليار دولار عام 2014، ثم أصبحت 529 مليار دولار عام 2016، ثم فقدت 36 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام لتصل إلى 493 مليار دولار، وتبقى الحروب التي تخوضها السعودية السبب الرئيسي لاستنزاف خزانتها، حيث المعارك المباشرة في اليمن وغير المباشرة كما هو الحال في سوريا.
ويقول الخبير الاقتصادي، كامل وزنة، إن المملكة تعتمد في الأساس على مبيعات النفط، وهي لم تستطع أن تنوع في اقتصادها، لكن إذا نظرنا إلى إنفاقها وتوزيع هذا الإنفاق، نلاحظ أن 25% من الموازنة السعودية تنفق على التسلح، وهذا ربما ليس لديه أي مردود اقتصادي، بل خسارة كبيرة.
وكشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة بين السفير الأمريكي السابق لدى (الكيان الصهيوني) وسفير الإمارات العربية المتحدة، يوسف العتبة لدى الولايات المتحدة، عن أثر هذا العجز في الميزانية، وكتب السفير الإماراتي في رسائل البريد الإلكتروني، التي أُرسلت في إبريل، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أعرب عن رغبته في الانسحاب من الصراع في اليمن، وأن تتدخل الولايات المتحدة لدى إيران نيابةً عن السعودية، وهذا الأمر وفقًا لمراقبين لم يلقَ قبولًا أمريكيًّا على ما يبدو في القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت في الرياض، فترامب يبيع السلاح للسعودية، ويأخذ أموالها فقط، لكنه لا يريد أن يخسر جنوده في اليمن، أو أن يكلف الخزينة الأمريكية أعباء اقتصادية لصالح الأجندة السعودية، وتستنزف ما حققه من مكاسبه المالية التي أخذها من الرياض.
The post الحروب ومليارات ترامب.. أمور تعصف برؤية السعودية 2030 appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات