البديل
20 قتيلاً فاتورة محاربة إسبانيا لداعش
لا يزال الإرهاب الداعشي يعبث بأمن بعض الدول، وينال من استقرارها، فالدول التي خططت ومولت ودعمت هذا الإرهاب في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا والعراق وليبيا، عاد الإرهاب ليعبث بأمنها القومي بعد أن نجحت هذه الدول العربية في هدم جحوره، وهذه المرة كانت وجهتهم لإسبانيا، من خلال سلسلة من الاعتداءات الإرهابية يبدو أنها محاولة عقابية لبرشلونة؛ بسبب اشتراكها في التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق.
سلسلة اعتداءات إرهابية
بدأت سلسلة اعتداءات في العاصمة الإسبانية برشلونة، حيث قتل 13 شخصًا، وسقط ما يقرب من 100 جريح على الأقل في هجوم إرهابي استهدف مارةً في “جادة لا رامبلا” التي يقصدها عدد كبير من السياح في برشلونة، حيث صدم سائق بشاحنة صغيرة من نوع “فان”، حشدًا من السائحين قبل أن يفر من المنطقة، وتناقلت مصادر إعلامية صورة لشخص يدعى “إدريس أكابير” قالت إنه هو من استأجر الحافلة التي نفذت الهجوم، وأشارت المصادر إلى أنه مشتبه به في الهجوم، فيما انتشرت مقاطع فيديو تظهر لحظات القبض على المشتبه به.
من جانبه أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي مسؤوليته عن الاعتداء في بيان بثته وكالة “أعماق” التابعة له، حيث قال التنظيم: منفذو هجوم برشلونة هم من جنود الدولة، ونفذوا العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ويتصدى للمسلحين في العراق وسوريا.
لم تكد إسبانيا تلملم قتلى وجرحى الاعتداء الإرهابي في برشلونة، حتى ضرب الإرهاب من جديد شاطئ كامبريلس على بعد 120 كلم جنوب برشلونة، حيث قتل ستة مدنيين إضافة إلى إصابة شرطي بجروح عندما دهست سيارة عددًا من المشاة على الشاطئ، قبل أن تتوقف السيارة إثر إطلاق الشرطة النار عليها، وتعليقًا على اعتداء كامبريلس، قال متحدث باسم الحكومة المحلية إن أشخاصًا يشتبه بأنهم إرهابيون كانوا يتنقلون في سيارة “أودي آي 3″، ويبدو انهم دهسوا عددًا من الأشخاص.
في إطار العمليات الإرهابية أيضًا قتل شخص، وأصيب آخر في انفجارين داخل منزلين في ألكانار، وقعا في الساعات الأولى من صباح أمس الخميس ومساء الأربعاء، واعتبرت الشرطة الإسبانية هجوم برشلونة مرتبطًا بعملية الدهس التي شهدها شاطئ كامبريلس، والانفجارين اللذين هزا بلدة ألكانار جنوب كاتالونيا، وبلغ عدد المتورطين في هجومي برشلونة وكامبريلس وانفجاري ألكانار، 8 أشخاص.
عقب حادث الدهس على شاطئ “كامبريلس” أعلنت السلطات الإسبانية أن رجال أمن أطلقوا النار باتجاه سيارة اقتحمت نقطة تفتيش تابعة للشرطة في برشلونة، ودهست شرطيين قبل أن تتابع سيرها، وأفادت متحدثة باسم الشرطة في كاتالونيا أنه خلال إجراءات إغلاق مدينة برشلونة، قامت سيارة باقتحام حواجز نقطة تفتيش وصدمت شرطيين، وأعلنت الشرطة الإسبانية لاحقًا أنه تم إيقاف السيارة قرب برشلونة، وأكدت الشرطة أنها قتلت أربعة من ركاب السيارة التي نفذت الاعتداء في كامبريلس، وأصابت خامسًا بجروح، وأشارت إلى أنها تعتبر أن الاعتداء في كامبريلس على صلة بالاعتداء في برشلونة.
سلسلة الاعتداءات الإرهابية دفعت الشرطة الإسبانية إلى الاستنفار على أعلى مستوى، حيث فرضت الشرطة طوقًا امنيًّا حول المنطقة التي وصلت إليها العديد من سيارات الشرطة والإسعاف، فيما تمكنت من إلقاء القبض على اتنين من المشتبه بهم في كاتالونيا الإسبانية، وقال وزير الداخلية، هواكين فورنا، إن المشتبه بهم اثنان أحدهما إسباني والآخر مغربي، وفي الوقت نفسه تم وضع خبراء إزالة الألغام في جهوزية من أجل التخلص من أي متفجرات قد يكون الإرهابيون نقلوها إلى مناطق أخرى.
من جانبه أعلن رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، الحداد 3 أيام بعد الهجوم الإرهابي، وقال “راخوي” إن العلم الإسباني سينكس حتى منتصف ليل الأحد المقبل، مؤكدًا أن إسبانيا لسوء الحظ كانت قد عايشت مثل هذا الألم من قبل، بعد نصف قرن من العنف الذي ارتكبته جماعة “إيتا” الانفصالية في إقليم الباسك، والذي أسفر عن مقتل حوالى 800 شخص، قبل أن تتخلى عن أسلحتها عام 2011.
في ذات الإطار أعلنت وحدات الدفاع المدني في إسبانيا أن ضحايا الاعتداء الذي وقع في برشلونة يتحدرون من 18 جنسية على الأقل، وتبين للدفاع المدني أن الضحايا يتحدرون من الجنسيات الآتية: الفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والهولندية، والأرجنتينية، والفنزويلية، والبلجيكية، والأسترالية، والهنغارية، والبيروفية، والأيرلندية، واليونانية، والكوبية، والمقدونية، والصينية، والإيطالية، والرومانية، والجزائرية.
إدانات دولية وعربية
اجتمعت العديد من الدول الغربية والعربية والأوروبية على إدانة هذه الأحداث المأساوية التي تطول لأول مرة إسبانيا منذ عقود، حيث نقل المكتب الصحفي للكرملين عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قوله في برقية بعث بها للملك الإسباني “ندين بشدة هذه الجريمة الوحشية ضد المدنيين، الحادث يؤكد مرة أخرى الحاجة إلى بذل جهود مشتركة حقيقية لا هوادة فيها من قبل المجتمع الدولي في الصراع ضد قوى الإرهاب”، وأعرب “بوتين” عن تعاطفه مع أسر الضحايا، متمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.
فيما أدان مجلس الأمن الدولي ما وصفه بـ”الهجوم الإرهابي الوحشي والجبان الذي وقع في مدينة برشلونة”، وأكد التضامن الكامل مع إسبانيا في حربها ضد الإرهاب وضرورة تقديم مرتكبي ومنظمي وممولي ورعاة هذا العمل المشين إلى العدالة، كما أدان رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، الهجوم الإرهابي، مؤكدًا أن “أوروبا بأسرها تقف إلى جانب برشلونة”، فيما قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إنه تلقى بحزن بالغ نبأ هجوم برشلونة، معربًا عن استعداده لتقديم كافة أنواع الدعم والمساعدة الضرورية لإسبانيا.
من جانبه عرض الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون والعديد من كبار الشخصيات الفرنسية، الدعم لبرشلونة عقب الهجوم الدامي، فيما قال الفاتيكان إن البابا “فرنسيس الثاني” يصلي من أجل الضحايا في برشلونة، معربًا عن تضامنه مع عائلاتهم، وفي ألمانيا عبر المتحدث باسم الحكومة، ستيفن سايبرت، عن مشاركة بلاده في الحداد على الضحايا، مشددًا على التضامن مع إسبانيا.
في ذات الإطار دخلت الإمارات والسعودية والكويت والبحرين والأردن وفلسطين وعدد من الدول العربية والإسلامية الأخرى على خط إدانة هذه الأحداث والتضامن مع إسبانيا، فيما أصدر الجامع الأزهر بيانًا عبر فيه عن رفضه لكل العمليات الإجرامية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في أي مكان من العالم، مشددًا على أن الإسلام أكد على حق جميع البشر في العيش بسلام، كما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الحادثة، داعيًا إلى ضرورة ردع العمليات الإرهابية.
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أثار كعادته جدلًا كبيرًا بتغريدته عن الحادث، حيث علق على هجمات برشلونة الإرهابية بالتحريض على قتل المسلمين، وألمح ترامب إلى قصة تاريخية حول إعدامات سريعة أمر بها جنرال أمريكي في الفلبين يدعى الجنرال “جون بلاك جاك بيرشينغ” الذي كان الحاكم الأمريكي لمنطقة مورو ذات الغالبية المسلمة من 1909 إلى 1913، حيث قام بتجميع 50 مسلحًا إسلاميًّا ثم أعدم 49 منهم برصاص مغموس بدم الخنزير، فيما تم إطلاق السجين الرقم خمسين من أجل أن يُخبر رفاقه المقاتلين بما يفعله الأمريكيون في المسلمين، حيث قال ترامب: ادرسوا ما فعله الجنرال الأمريكي بيرشينغ بالإرهابيين بعد القبض عليهم، اختفى بعدها إرهاب الإسلام المتطرف لمدة 35 عامًا.
لم يقلَّ وزير داخلية بولندا كثيرًا عن الرئيس الأمريكي تطرفًا ومعاداة للمسلمين والمهاجرين، حيث اعتبر “ماريوش بلاشاك” أن وقوع هجمات مشابهة في بلاده غير ممكن، لأن وارسو رفضت استضافة المهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا، وقال الوزير البولندي: لا توجد في بولندا لدينا مجتمعات إسلامية في جيوب كثيرة تمثل قاعدة طبيعية للإرهابيين الإسلاميين، ونفعل كل ما بوسعنا لنحافظ على أمن البلاد، ولا نوافق على استضافة المهاجرين، وأضاف “بلاشاك” أن أحداث كاتالونيا الأخيرة تمثل “صدام حضارات”، مشيرًا إلى عدم وجود وسائل فعالة لمواجهة ذلك، وقال: الطريق الوحيد إلى أوروبا هو إغلاق الأبواب.
The post 20 قتيلاً فاتورة محاربة إسبانيا لداعش appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات