البديل
ست سنوات من الحرب.. لماذا فشل الغرب وانتصر الأسد؟ (مترجم)
بأداء واثق ونبرة متحدي، قال الرئيس السوري بشار الأسد في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر وزارة الخارجية والمغتربين يوم الأحد الماضي:” دفعنا ثمنا غاليا في سوريا في هذه الحرب لكن تمكنا من إفشال المشروع الغربي”.
وبنظرة أوسع إلى ست سنوات من الحرب السورية، نشرت مجلة فورين بوليسي مقالة من كتاب نيكولاوس فان دام الجديد “تدمير أمة: الحرب الأهلية في سوريا” يشير فيها أنه في الوقت الذي يعزز فيه الرئيس بشار الأسد قبضته على البلاد، حان الوقت لأولئك الذين حاولوا الإطاحة به لتقييم الخطأ.
إليكم نص المقال:
إذا كان السياسيون الغربيون يتساءلون لماذا حققوا القليل من أهدافهم في الحرب السورية، يجب أن يبدأوا بدراسة قراراتهم.
1 – كان نهج الغرب إزاء الحرب السورية منذ البداية يهيمن عليه جرعة زائدة من التفكير بالتمني. وعلى ما يبدو، كان السياسيون يعتمدون في مواقفهم على ردود الفعل السياسية الداخلية اليومية، بدلا من التركيز على الرؤية طويلة الأجل الموجهة نحو تحقيق النتائج التي كانت مطلوبة للعمل نحو المساعدة الحقيقية على حل الصراع.
تمسك معظم السياسيين الغربيين في وقت مبكر بفكرة أن الصراع لا يمكن حله إلا إذا تمت إزالة الرئيس بشار الأسد من السلطة. كثيرون كانوا يعتقدون حقا أن الأسد سوف ينهار في غضون فترة زمنية قصيرة. وقد تم التقليل تماما من شأن قوة النظام، وذلك كان جزئيا بسبب الجهل وعدم معرفة النظام السوري، فضلا عن التفاؤل الذي كان في غير محله.
فالأكاديميون والصحفيون وصناع القرار الذين توقعوا أن هناك فرصة واقعية لنظام الأسد للصمود والبقاء لفترة أطول أو شككوا في الشرعية الأخلاقية للمعارضة “السلمية” المزعومة تم اتهامهم إما بأنهم موالون للأسد أو مناهضون للديمقراطية. وحتى الأمم المتحدة ومبعوثوها الخاصون لسوريا كانوا من وقت لآخر متهمين بالانحياز إلى الأسد إذا قاموا بأي خطوة يمكن تفسيرها على أنها لا تعارض فكرة بقاءه في السلطة.
كان لدى السياسيين الغربيين بشكل عام أفكارا واضحة حول ما لا يريدونه، ولكن لا توجد أفكار واقعية أو واضحة لما يريدونه بدلا من الأسد. لم يواكب الغرب الحقائق على الأرض، واستمر في استخدام الشعارات السياسية الغير ملائمة للوضع في سوريا.
استمر الإصرار على وصف المعارضة السورية بأنها سلمية وديمقراطية، حتى بعد وقت طويل من هيمنة عناصر جهادية أكثر تطرفا على المشهد. وعلى الرغم من أن مفهوم المعارضة السلمية أصبح أكثر أسطورية، لكن خطاب السياسيين الغربيين لم يتغير.
2- كما أن الدعم العسكري الغربي لفصائل المعارضة لم يكن على نفس مستوى الدعم المستدام والثابت الذي تلقاه النظام السوري من حلفائه روسيا وإيران وحزب الله.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “دويتش فيله” الألمانية، كان مسار إدارة ترامب في سوريا مترددا كما هو الحال مع باراك أوباما. فبعد سنوات من تبني نهج دعم خصوم الأسد بشكل مطلق، اتخذت الولايات المتحدة نهجا جديدا تجاه سوريا لبعض الوقت عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيوقف برنامج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لدعم خصوم الأسد، حيث تبين أنه من بين آلاف المقاتلين الذين دربتهم الولايات المتحدة، لم يثبت سوى عدد قليل من الشركاء الموثوق بهم.
وأثيرت تساؤلات حول أي من جماعات المعارضة العديدة ينبغي أن تكون مسلحة وبأي هدف، حيث أن الدول الغربية تريد بوضوح تجنب احتمال إنشاء دكتاتورية إسلامية متطرفة.
لم تكن هناك استراتيجية واضحة للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، إلا أن هزيمة تنظيم داعش أصبح الأولوية. وفي الوقت نفسه، ركزت دول مثل السعودية وقطر دعمها على تنظيمات مسلحة مثل أحرار الشام وجيش الإسلام. بالتالي، مع هذا الجمع، كانت الأهداف الغربية في سوريا محكوم عليها بالفشل.
3 – دعا القادة الغربيون في مناسبات مختلفة إلى اتخاذ تدابير ضد النظام السوري والتي كانوا يعرفون مسبقا أنهم لن يكونوا قادرين على فرضها. ولكن عدم فعل شيء أو عدم الرد على الإطلاق لم يكن خيارا مقبولا سياسيا للحكومات المفترض ديمقراطية. ومع ذلك، يمكن القول، من الناحية المنطقية، أنه في بعض الحالات كان من الحكمة ألا تفعل شيئا بدلا من أن تفعل الشيء الخطأ مع عواقب كارثية.
كان السؤال الرئيسي الذي دار طوال المناقشات حول الأزمة السورية هو: هل العدالة يجب أن تتم؟ كان الجواب: نعم، بالطبع، ولكن بأي ثمن؟ وكان من السهل القول، على سبيل المثال، أنه ينبغي محاكمة الأسد على جرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ولكن هذا لم يساعد في إيجاد حل.
بعض الناس تخيلوا أن الرئيس الأسد سيبدأ في التصرف والتفكير بشكل مختلف عندما يثار احتمالية محاكمته مستقبلا في المحكمة الجنائية الدولية. ويبدو أن كل ذلك كان في سياق الأمنيات الغربية.
إن الدعوة إلى العدالة جيدة في حد ذاتها، وكذلك توثيق جميع جرائم الحرب التي ارتكبت. وكان ذلك لابد من القيام به بطبيعة الحال، ولكن ليس فوق الجهود الرامية إلى العمل على نحو استباقي نحو إيجاد حل ومنع المزيد من إراقة الدماء.
يجب أن تكون الدعوة إلى العدالة جزءا من جهود أوسع نطاقا لإحلال السلام، ولابد من إيجاد حل سياسي قبل أن يتسنى تحقيق العدالة. لا يمكن أن يحدث العكس.
ومن خلال الإصرار على تصنيف حكم الرئيس الأسد على أنه غير شرعي، ربما تكون الدول الغربية أوقفت قبل الأوان أي فرصة كان يمكن أن تضطلع بها إلى دور بناء في إيجاد حل سياسي للأزمة.
4 – يبدو أن النظر إلى العوامل السياسية المحلية كانت تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للغرب حلفاؤه. فقد أفادت التقارير أن روبرت فورد، السفير الأمريكي آنذاك لدى سوريا، عارض الدعوة إلى رحيل الأسد، لأن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على تحقيق ذلك، ولكن تم تجاهل مشورته.
وبحسب كريستوفر فيليبس، فإن “التكلفة المحلية لعدم الدعوة إلى مغادرة الأسد كان ينظر إليها على أنها مرتفعة جدا في الولايات المتحدة”.
وبعد استعادة النظام السوري الجزء الشرقي من مدينة حلب في ديسمبر 2016، الذي كان تحت سيطرة قوات المعارضة المسلحة لأكثر من أربع سنوات الجزء الأكبر من المجتمع الدولي، بما في ذلك دول الخليج العربي والدول الغربية التي دعمت معظم التنظيمات المسلحة، لا يمكنها أن تفعل أكثر من مجرد الاستمرار في موقفها، وإصدار بيانات الإدانة والغضب بشأن سفك الدماء والفظائع المزعوم ارتكابها من قبل بشار الأسد.
هم عاجزين عن التدخل سياسيا أو عسكريا لأنهم استبعدوا بالفعل أي تدخل عسكري مطول في سوريا قبل عدة سنوات ولم يعد لهم أي تأثير حقيقي سياسيا على النظام السوري الذي قطعوا العلاقات معه قبل سنوات ولا على حلفائه روسيا وإيران لتغيير سياساتهم المتعلقة بسوريا.
The post ست سنوات من الحرب.. لماذا فشل الغرب وانتصر الأسد؟ (مترجم) appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات