الأربعاء، 23 أغسطس 2017

ملامح صفقة بين بغداد وأربيل لترتيب «انفصال كردستان»

البديل
ملامح صفقة بين بغداد وأربيل لترتيب «انفصال كردستان»

تبرز على السطح ملامح صفقة بين بغداد وأربيل في الآونة الأخيرة لتأجيل استفتاء إقليم كردستان على الانفصال عن العراق الذي من المقرر إجراؤه في سبتمبر المقبل، لا سيما مع زيارة وفد كردي إلى العراق لإجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين، ومن الجهة الأخرى ما المقابل والضمانات التي قد تعطيها الحكومة العراقية لأربيل من أجل إقناعها بتأجيل الاستفتاء وهل تنجح هذه الصفقة؟

نفت حكومة إقليم كردستان مرارًا وجود صفقة لتأجيل الاستفتاء، إلا أن المباحثات التي أجريت في بغداد، والتي تسرب منها الكثير من المعلومات عن وجود مشاورات ومداولات في الغرف المغلقة تنم عن وجود تحركات بين الطرفين على الأقل لتقليل حدة الاحتقان بين الجانبين، على أساس أن توقيت الاستفتاء جاء بعد شهور قليلة من انتهاء معركة الموصل المشتركة ضد داعش، كما أنها تأتي في أتون استكمال الحرب على التنظيم الإرهابي في ظل وضع أمني صعب.

التصريحات التي خرجت من المباحثات، والتي تتحدث عن صفقة تم نفيها بعد ذلك من الحكومة المركزية أيضًا، كانت على لسان مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار، وأكد أن أكراد العراق قد يدرسون احتمال تأجيل استفتاء على الاستقلال مقابل تنازلات مالية وسياسية من الحكومة المركزية في بغداد، مؤكدًا أن وفدًا كرديًا زار بغداد للاطلاع على مقترحات من قادة عراقيين قد تقنع الأكراد بتأجيل التصويت، مضيفًا: كبديل لتأجيل الاستفتاء، بغداد مستعدة أن تحقق أي شيء للإقليم.

ورغم نفي الحكومة المركزية التحدث مع الوفد العراقي في هذا الشأن، فإن خروج تصريحات من مسؤول كردي بارز بهذا الشكل يوضح أن التلويح بالاستفتاء ما هو إلا ورقة ضغط على الحكومة العراقية لتقديم تنازلات مادية أو سياسية، وتحديدًا الاستمرار في تنفيذ المادة 140 التي من المفترض أن تطبق في الدستور على مراحل.

وتثير هذه المادة منذ فترة الكثير من الجدل والطعن ضدها، وهو أمر عرقل كثيرًا طموح أربيل بإجراء الاستفتاء على أساس دستوري، حيث تعد المادة 140 متعلقة بالمناطق المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، ونتيجة لافتقار التفاهم بين الطرفين للتوصل إلى توافقات تسمح بتنفيذ المراحل الثلاث التي تنص عليها المادة، وهي التطبيع والإحصاء ثم الاستفتاء، فإن وضع المادة والمناطق المختلف عليها ظل معلقًا دون حل حاسم طيلة السنوات الماضية، إلا أن إقليم كردستان يحاول إحياءها مرة أخرى أو العمل بها.

وفيما يخص المادة 140، قال الناطق باسم وفد مجلس الاستفتاء سعدي بيره، الذي كان أحد أعضاء الوفد الذي زار بغداد الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء في أربيل، إن الوفد مثل أكثر الأحزاب الكردستانية باستثناء حركة التغيير والجماعة الإسلامية، وقال: كانت زيارتنا بغداد لغرض الانفتاح والحوار مع الأطراف العراقية بشأن الاستفتاء.. اجتماعنا مع الأطراف والقوى السياسية العراقية كان لاستعراض النواقض والخروقات التي حصلت في الدستور، إضافة الى عدم وجود ضمانات لحل الخلافات والقضايا العالقة، وعدم تطبيق المادة 140 من الدستور تحديدًا.

في ذات الإطار، يقول قادة الإقليم إن على بغداد أن تكون مستعدة لمساعدة الأكراد على تخطي الأزمة المالية وتسوية ديون مستحقة على حكومتهم، تقدر بما يتراوح بين 10 و12 مليار دولار، بما يساوي تقريبًا الميزانية السنوية لكردستان، إلا أن الحكومة المركزية تقول إن الأمر يتعلق بخلافات أخرى، حيث أوقفت بغداد دفعات التمويل من الميزانية الاتحادية لحكومة كردستان في 2014 بعد أن بدأ الأكراد في تصدير النفط بشكل مستقل عبر خط أنابيب إلى تركيا، وتبلغ حصّة الإقليم من الموازنة الاتحادية ما نسبته 17 بالمائة.

ويقول مراقبون إن إجراء الاستفتاء لا يعني تحقيق الانفصال، إذ لابد من الاعتراف به من قبل الحكومة المركزية، ويشير خبراء قانون عراقيون إلى أن الاستفتاء غير دستوري، كما رفضت حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاستفتاء المزمع ووصفته بأنه غير دستوري، فيما تعارض تركيا وإيران وسوريا استقلال كردستان عن العراق، خاصة وأنها تقطنها مجتمعة أعداد كبيرة من الأكراد.

في ذات الإطار، جرت مباحثات مشتركة بين إيران وتركيا في أنقرة في هذا الملف، وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، الذي زار تركيا مؤخرًا، أن لدى طهران وأنقرة موقفًا مشتركًا من استفتاء كردستان العراق بشأن الاستقلال، مؤكدًا أن البلدين يعارضانه، وأن طهران وأنقرة متفقتين على أن إجراء الاستفتاء سيشكل أساسًا لسلسلة من التوترات والمواجهات داخل العراق.

The post ملامح صفقة بين بغداد وأربيل لترتيب «انفصال كردستان» appeared first on البديل.


ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة عربي التعليمية 2015 ©