البديل
إسرائيل وأمريكا.. ملاذ السعودية لاستجداء التعاطف الدولي
غطاء وتعاطف دولي تحاول السعودية استجداءه من دول العالم حول موقفها المعادي لإيران وإجراءاتها السياسية الأخيرة التي يمكن أن توصف بـ«متهورة» ستشعل الأوضاع ليس فقط في الدول الخليجية بل في المنطقة العربية بالكامل، حيث تستغل المملكة في حملتها لتسول التعاطف الدولي علاقاتها الوثيقة مع الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، اللذان يمثلان الداعم الرئيسي لإجراءات المملكة ضد إيران، واللذان يستخدمان القيادة السعودية المتمثلة في ولي العهد، محمد بن سلمان، كالدمية لتحريك وتعزيز المصالح «الصهيوأمريكية» في منطقة الشرق الأوسط.
مباركة أمريكية
غابت الإدارة الأمريكية لعدة أيام عن التعليق على المشهد السياسي المشتعل في الرياض، إلا أن أصابعها الإجرامية كانت واضحة تمامًا من خلف الكواليس، لكن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خرج عن صمته أمس الاثنين، وعلق على حملة التطهير التي شنتها السعودية ضد العديد من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال، قائلا في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لدي ثقة كبيرة بالملك سلمان وبولي العهد السعودي، فهما يدركان بالضبط ما الذي يفعلانه.. إن بعضًا ممن يعاملانهم بقسوة حلبوا بلدهم على مدى سنوات».
وتهللت الولايات المتحدة بما وصفته «فضح الدور الإيراني في اليمن», عقب اتهام الرياض لطهران بتزويد جماعة أنصار الله بأنظمة صاروخية، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، أدريان رانكين غالاوي: «نواصل الحفاظ على علاقات دفاعية قوية مع المملكة العربية السعودية، ونعمل معًا بخصوص الأولويات الأمنية المشتركة لتشمل العمليات القتالية ضد الجماعات المتطرفة العنيفة وإنهاء نفوذ إيران المزعزع للاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».
تأتي هذه المباركة متأخرة كثيرًا لتوحي بأن الإدارة الأمريكية لا تتدخل في قرارات المملكة السعودية، لكن الحقيقة باتت واضحة للجميع، فلم تكن الرياض لتتخذ كل هذه الإجراءات التصعيدية في مواجهة لبنان واليمن والأمراء والوزراء ورجال الأعمال السعوديين في توقيت واحد، إلا بضوء أخضر أمريكي وتنسيق إسرائيلي، الأمر الذي يؤكده الاتصال الهاتفي بين الملك سلمان والرئيس ترامب الأحد الماضي، بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس الوزراء البناني، سعد الحريري، استقالته من الرياض وبدء الحملة الأمنية التي طالت العديد من الأمراء والوزراء السعوديين.
وفي السياق، ربطت صحيفة «واشنطن بوست» خطوات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالزيارة السرية التي أجراها مستشار ترامب وصهره، جارد كوشنير، للرياض، الأسبوع الماضي، ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادرها بأن «بن سلمان» و«كوشنير» خلال الاجتماعات التي استمرت حتى الساعات الأولى من الصباح، كانا يضعان الخطط والسيناريوهات للمرحلة المقبلة.
حملة إسرائيلية
بات من الواضح أن الاحتلال الصهيوني داعما رئيسيا للسعودية في إجراءاتها الأخيرة، إن لم يكن المُلهم والرأس المدبر لكل الأوضاع الجديدة المشتعلة في المملكة، حيث كرس الاحتلال الصهيوني جهوده لدعم الرياض مؤخرًا، سواء وسائل الإعلام أو سياسييه أو مؤسساته الرسمية، ما ظهر في تعليق محلل الشؤون العربية في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية، عوديد غرانوت، قائلا إن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، يسعى لتعزيز سلطة ولي عهده محمد بن سلمان، الذي تتفق خطواته مع المواقف الاستراتيجية لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأشاد المعلق الصهيوني بسياسة «بن سلمان» قائلًا: «خلال العامين الأخيرين من ولايته كوزير للدفاع، وولي للعهد، كان محمد بن سلمان في الواقع الحاكم الحقيقي من وراء الكواليس، وقاد السعودية نحو عاصفة سياسية واجتماعية واقتصادية لم يسبق لها مثيل، وفرض حربًا شاملة في اليمن، وقاد لمقاطعة قطر، وأعلن عن خطة طموحة لتحرير الاقتصاد السعودي من الاعتماد على أرباح النفط، وبدأ بإزالة القيود الاجتماعية، مثل منع المرأة من قيادة السيارة، كما حدد إيران بأنها العدو الأول للمملكة، وأضاف: «خطوات ولي العهد تحظى كلها بدعم متحمس من الرئيس الأمريكي، كما أن خطواته تتفق مع المواقف الاستراتيجية لإسرائيل».
ومن جانبها، شنت وزارة الخارجية الإسرائيلية حملة دبلوماسية شرسة لمهاجمة إيران ومغازلة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السعودية، حيث كشفت القناة العاشرة الصهيونية عن تعميم وزارة خارجية الاحتلال، أمس الاثنين، رسالة على جميع سفاراتها في العالم، مطالبة إياها بالعمل على أعلى المستويات، ونقل رسالة تفيد بأن «على دول العالم معارضة إشراك حزب الله في الحكومة اللبنانية المستقبلية».
وأوضحت القناة أن الرسالة تأتي ضمن حملة دولية أطلقتها إسرائيل بشكل استثنائي، لسببين؛ الأول يتعلق بالشأن الداخلي اللبناني من جهة، وتماشيًا مع الموقف السعودي من جهة أخرى، ونصت الرسالة على أنه «بناء على وكيل الوزارة، فإنكم مطالبون بالتوجه بشكل عاجل لوزارات الخارجية والجهات المختصة الأخرى على المستوى الحكومي، والتشديد على أن استقالة الحريري والأسباب التي أدت إليها، تثبت مجددًا الطبيعة التدميرية لحزب الله وإيران، والخطورة التي تمثلهما على استقرار لبنان ودول المنطقة».
وأشارت إلى أن «استقالة الحريري دليل على أن ادعاء المجتمع الدولي بأن مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية سيشكل أساسًا للاستقرار، هو ادعاء خاطئ من أساسه، ووحدة مصطنعة من هذا النوع في الحكومة اللبنانية ستخلق شللًا وعجزًا لدى الحكومة اللبنانية لاتخاذ القرارات التي تخدم المصلحة الوطنية، وستحوّلها فعليًا إلى رهينة معرّضة للتهديد الجسدي، وستضطر الحكومة كُرْها إلى دفع المصالح الأجنبية وخاصة مع إيران حتى وإن كان الأمر سيشكل خطرًا على أمن لبنان».
وطالبت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفرائها في دول العالم بنقل رسالة استثنائية داعمة للسعودية، على خلفية الحرب التي تخوضها في اليمن، وحملة التطهير التي شنتها مؤخرًا ضد عدد من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين، وجاء في الرسالة: «الأحداث في لبنان، وإطلاق الصواريخ الباليستية من قبل الحوثيين على مطار الرياض الدولي، تستلزم زيادة الضغط على إيران وحزب الله في قضايا متنوعة، من إنتاج الصواريخ الباليستية وحتى أعمال التخريب الإقليمي».
تصعيد سعودي
تأتي المباركات الصهيوأمريكية مع اتجاه المملكة العربية السعودية إلى التصعيد السياسي مع إيران، مستغله حادث إطلاق جماعة أنصار الله صاروخًا بالستيًا استهدف مطار الملك خالد شمال العاصمة السعودية الرياض، حيث قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أمس الاثنين، أن السعودية تحتفظ بحق الرد على التصرفات العدائية ضدها من قبل السلطات الإيرانية، وتؤكد بأن لا تسامح مع الإرهاب ورعاته، وتابع: «التدخلات الإيرانية في المنطقة تضر بأمن دول الجوار وتؤثر على الأمن والسلم الدوليين، لن نسمح بأي تعديات على أمننا الوطني».
ورغم تعامل حزب الله اللبناني مع قرار استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، بحكمة وعقلانية وتفضيل مصلحة الدولة على أي نزاعات حزبية أو طائفية، إلا أن الأمر لم يمنع وزير الدولة لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، من اتهام لبنان بإعلان الحرب على السعودية، حيث قال: «أعمال العدوان التي يقوم بها حزب الله تعتبر إعلان حرب على المملكة من قبل لبنان ومن قبل حزب الشيطان اللبناني»، مؤكدًا أن حزب الله يؤثر في جميع القرارات التي تتخذها حكومة لبنان.
وأضاف السبهان أن حزب الله يشارك في كل عمل إرهابي يهدد السعودية، متهما إياه بـ«تهريب المخدرات للسعودية وتدريب شباب سعوديين على الإرهاب»، حسب زعمه، مهددًا بأن «لبنان بعد الاستقالة لن يكون أبدًا كما قبلها، لن يقبل أن يكون بأي حال منصة لانطلاق الإرهاب إلى دولنا».
The post إسرائيل وأمريكا.. ملاذ السعودية لاستجداء التعاطف الدولي appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات