البديل
استقطاب الشباب.. تحذيرات حكومية وواقع مغاير
طالما تناقض الحكومة نفسها؛ ففي الوقت الذي يؤكد فيه سامح شكري، وزير الخارجية، على ضرورة حماية الشباب من استقطاب الجماعات الإرهابية، وشدد على أهمية إرساء تعاون حقيقي لدعم جهود القارة الإفريقية للقضاء على ظاهرة الإرهاب من خلال رؤية واضحة وشاملة بعيدا عن أي مواءمات سياسية، تركت الشباب فريسة للبطالة وتبعاتها السيئة.
وأكد الوزير خلال مشاركته في فعاليات الدورة الخامسة لقمة الاتحاد الإفريقي – الاتحاد الأوروبي المنعقدة في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، وبمشاركة العديد من قادة الدول والوزراء الأفارقة والأوروبيين، أنه من الأهمية القصوى الاستثمار في الشباب من خلال التعليم، والتثقيف، والتدريب والتأهيل المهني، بحيث يتحول الشباب الإفريقي إلى ثروة فعلية، تتم حمايته من الوقوع ضحية للبطالة، وما يرتبط بها من مشاكل اجتماعية تؤدي إلى انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وأشار وزير الخارجية إلى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على الالتقاء بالشباب المصري بصورة دورية للاستماع لرؤيتهم المستقبلية، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن مشاغلهم وتطلعاتهم واحتياجاتهم من خلال الحوار المجتمعي الإيجابي التفاعلي، وهو ما انعكس في دعوة مصر لاستضافة المنتدى الأول لشباب العالم في مدينة شرم الشيخ.
الواقع يناقض كلام الوزير؛ فالبطالة والوضع الاقتصادي السيئ أحد المخاطر التي تهدد الشباب وتدفع التنظيمات الإرهابية إلى استقطابهم مقابل مبالغ مالية لتنفيذ عمليات إرهابية، وهو ما حدث في تفجير الكنائس، حيث أكدت تحريات الأمن في عملية تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا، أن أحد أفراد الخلايا الإرهابية درب العديد من الشباب على العمليات الانتحارية وكيفية تصنيع الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة التي يتم استخدامها في عملية التفجير.
وقال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إن استقطاب الجماعات الإرهابية للشباب، ظاهرة اجتماعية تنشأ وتترعرع في ظل عوامل نفسية واجتماعية خاصة، وتحت ظروف سياسية واقتصادية وثقافية معينة، وتشترك جميع هذه العوامل والظروف بشكل أو بآخر في إفراز ظاهرة الإرهاب، ومن ثم، فإن أية معالجة جادة للظاهرة تتطلب إصلاحا حقيقيا في جملة العوامل والظروف التي تساعد على وجودها.
وأضاف عامر لـ«البديل»، أن إدراك الظروف التي ينمو فيها الإرهاب يجعلنا نصل إلى قناعة بأن الالتزام بمتطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي والثقافي، البوابة الرئيسة الأولى للقضاء على الظاهرة في مجتمعاتنا، متابعا: “على الصعيد الفكري والإيديولوجي، يجب التصدي بكل الوسائل المتاحة للفكر الأصولي الظلامي المتطرف الداعي إلى التزمت والتضييق والتكفير والمناهض للوسطية والتسامح”.
واستطرد: “وعلى الصعيد الاجتماعي، لابد من تكثيف الجهود الرامية إلى توطيد الوحدة بين كل مكونات النسيج الاجتماعي وتعزيز التعايش والانسجام بين هذه المكونات من خلال تحقيق العدالة والمساواة، والقضاء التام على أشكال الإقصاء والتهميش لبعض شرائح المجتمع”، متابعا: “مواجهة الإرهاب وتأثيره على الشباب، لا يمكن أن يكون بالمعالجة الأمنية فقط، لكن بالمواجهة الفكرية والثقافية وانتهاج خطاب ديني متجدد، بالإضافة إلى تحصين عقول الشباب أمام غزوة التطرف التي تشهدها البلاد”.
The post استقطاب الشباب.. تحذيرات حكومية وواقع مغاير appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات