البديل
رسمية بائعة البيض.. «شايلة الهم ودايرة بيه»
لا تبالي بحرارة الشمس ونظرة المارة، لم توقفها آلام الشيخوخة عن الترحال يوميًا داخل سيارات نقل الحيوانات والبضائع، وكذا رحلة صعود وهبوط الأدوار العليا داخل عقارات المنيا الشاهقة، توصل الليل بالنهار، حاملة على عنقها أثقالًا في سبيل الإنفاق على زوجها المريض وبقية أفراد أسرتها.
من أقصى شرق مركز ملوي، تتحمل الحاجة رسمية «بائعة البيض»، مشقة الانتقال داخل سيارات مكهنة مخصصة في الأصل لنقل الحيوانات والبضائع، تقلها يوميًا من عزبة «اتقا» التابعة لقرية «تونة الجبل» إلى مركز ملوي ومنه إلى مدينة المنيا، في رحلة تستغرق الساعتين؛ لبيع البيض البلدي الذي يفضله قاطنو الأحياء الراقية، حتى بات مهنتها الأساسية، إلى جانب عملها بالخدمة داخل المنازل.
جبر الزمن
«وأنا اللي المثل قال عليه: شايل همه وداير بيه».. كلمات قالتها الحاجة رسمية صالح، البالغة من العمر 64 عامًا، في إشارة إلى سلة البيض التي تضعها فوق رأسها، في رحلة معاناة تصفها بأنها «جبر الزمن»؛ من عمارة لعمارة وسلالم تدوخ أجدع شاب، وما بين نار الشمس وبرد الشتا.
تربي السيدة المسنة، الدجاج للانتفاع ببيضه الذي تبيعه لسد رمق الأسرة، كما تضطر لجمع البيض من المنازل حتى مئة بيضة في اليوم الواحد، ثم تتجه إلى مدينة المنيا حيث الأحياء الراقية، هناك تبيع البيضة البلدي بسعر جنيه واحد، في حين تشتريها بنصف الجنيه، ولا تعود إلى منزلها قبل بيع بضاعتها كاملة.
بائعة البيض تتربح يوميًا قرابة 50 جنيهًا، من بيع 15 بيضة نتاج تربية الطيور بمنزلها، ومما تجمعه؛ تخصص جزءا منها لوسائل المواصلات، وجزءا آخر لشراء وجبة طعام واحدة تعتمد عليها طوال اليوم، إلى أن تعود إلى المنزل.
الظروف لما تحكم
لا ترفض الحاجة رسمية مطالب الزبائن المختلفة، تحت بند «الظروف لما تحكم»؛ فبعضهم يطلب «زبدة بلدي»، وآخرون «دجاج وأوز»، كما اضطرت كثيرًا للعمل داخل المنازل، سواء في النظافة أو الطهي وغسيل الملابس والمواعين، وأيضًا شراء لوازم أصحاب المنازل من الأسواق.
الظروف التي دفعتها للعمل في ظل تتقدم سنها، تلخصت في زوجها المريض الذي لا يقوى على العمل، وأنها تعول 5 أبناء بواقع 3 من الإناث و2 من الذكور، كما أن بيتها بناية من الطوب اللبن، يسقفه خشب النخيل، وبدأ المنزل يهددهم بالخطر مع تشقق بعض الجدران وتساقط أجزاء من السقف، بفعل المياه التي تطفح من حين لآخر؛ لعدم توافر خزان للصرف الصحي.
البيت قرب يقع
بيت الحاجة رسمية «قرب يقع، طوب ني ومش متحمل، من كام يوم حطيت خشبة سندت الفلق بيها، الميه عاملة ليونة في الحيطان كلها، وبعت العفش عند بيت سلفتي مؤقتًا، وكل ما يحصل زلزال نلاقي البيت هيقع نضطر نطلع بره وشوية كده ونرجع».
الحكومة ما ساعدتش
ترددت بائعة البيض كثيرا، على مكاتب المسؤولين تسألهم تخصيص وحدة سكنية ضمن مشروع الأولى بالرعاية، غير أن جيرانها تملكوا وحدات، ولم ينظر إلى مطلبها أحد، رغم أن ابنها الأكبر يسكن بمنزلها برغم أنه متزوج ولا يعمل.
البيضة ما تكسرش الحجر
تتدخر الحاجة رسمية مبلغا ماليا شهريًا، من خلال عملها، في محاولة لهدم المنزل وإعادة بنائه بالطوب الأحمر والبلوك الأبيض، وأن ما شجعها هو إقرار إحدى الجمعيات الخيرية مساعدتها بمبلغ 5 آلاف جنيه لبناء المنزل الذي يتطلب مبلغ 13 ألفا، على أن يتم سقفه خشبيًا: «اتربينا من صغرنا ع الشقا، البيضة ما تكسرش الحجر، واليأس ما يهوبش ناحيتنا ولا يعرف طريقنا».
The post رسمية بائعة البيض.. «شايلة الهم ودايرة بيه» appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات