ارتكبت “بي بي سي” خطيئة في حق المهنة؟ نعم.. نقلت مراسلتها معلومات مشكوك فيها عن مصادر مجهلة؟ فعلت.. لم تتحقق من الروايات التي حصلت عليها ولم تنقل وجهة النظر الرسمية؟ حدث.
قبل أيام عرضت “BBC” فيلما وثائقيا عن التعذيب في السجون المصرية والاختفاء القسري، ظهرت فيه أم مصرية قالت إن ابنتها زبيدة 23 سنة، ألقي القبض عليها مرتين في 2014 أثناء اشتراكها في مظاهرات ضد النظام، وأفرج عنها وأعيد القبض عليها مرة أخرى في 2016، وتعرضت أثناء حبسها للتعذيب، وأشارت الأم إلى أن أبنتها مختفية قسريا، وعدد الفيلم حالات أخرى للاختفاء القسري حدثت في مصر خلال السنوات القليلة الماضية.
وعقب هذا الفيلم، أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات بيانًا ردت فيه على التقرير الذي بثته هيئة الإذاعة البريطانية وأعدته “أورلا جيورين”، المراسلة السابقة للإذاعة البريطانية بالقاهرة، حيث فند ما تضمنه تقرير “بي بي سي” من ادعاءات، وكشف بيان الهيئة حجم ما انطوى عليه هذا التقرير من تناقضات وانحياز سلبي، وانتهاك لكل المعايير المهنية في مجال الصحافة والإعلام.
وقرر الكاتب الصحفي ضياء رشوان، رئيس الهيئة استدعاء مديرة مكتب “بي بي سي” بالقاهرة لتسليمها ما جاء بالبيان في صورة خطاب رسمي لمطالبة هيئة الإذاعة البريطانية باتخاذ موقف لتصحيح ما أقدمت عليه مراسلتها من مخالفات مهنية في هذا التقرير.
وظهرت زبيدة مؤخرًا مع الإعلامي عمرو أديب، ما دفع الهيئة العامة للاستعلامات لإصدار بيان آخر طالبت فيه الشبكة البريطانية بالاعتذار الفوري عن هذا الفيلم الوثائقي، مؤكدة أن ظهورها يثبت صحة ما جاء بالبيان الأول الذي فند مزاعم وأكاذيب تقريرها.
وخلال ظهورها مع أديب، أجهشت زبيدة بالبكاء حزنًا على ما صرحت به أمها، كاشفة عن أنها لم تتعرض لأي ضغوط من أجل ظهورها الإعلامي عقب التقارير الصحفية التي قالت باختفائها قسرًا.
وكشفت”زبيدة، تفاصيل حياتها الشخصية خلال عام اختفائها عن منزل والدتها، قائلة: “أنا اسمي زبيدة إبراهيم محمود، ومتزوجة منذ عام، وعندي طفل اسمه حمزة، عمرة 15 يوما، ولم يبلغني أحد بما قيل عني أنني مختفية وأنه تم تعذيبي”.
وأضافت: “لم أتحدث مع والدتي منذ عام لأسباب خاصة، ولم أرها منذ عام، وتزوجت في شقة بفيصل بشارع المنشية منذ عام ومنذ وقتها وحتى الآن، لم أتحدث مع والدتي ولم تعرف أنني متزوجة”.
وأشارت زبيدة إلى أنها سجنت مرة واحدة أثناء سيرها في مظاهرة للإخوان في ميدان عبدالمنعم رياض أثناء إقرار الدستور، وتم ترحيلها إلى سجن القناطر ولم يعذبها أحد من الضباط داخل السجن ولم يغتصبها أحد كما قيل.
وتابعت: “بعد خروجي من السجن مارست حياتي الطبيعة مثل أي شخص، ثم تعرفت على شاب وتزوجنا، ومن وقتها وحتى الآن لم أتصل بوالدتي عبر الهاتف أو أعلمها بزواجي لأنها من الممكن أن ترفض الحديث معي.”
واستكملت زبيدة حديثها: “لم يعتد علىّ أحد من الضباط في المظاهرات، وكنت موجودة في اعتصام النهضة وجلست 10 أيام ووالدتي كانت معي ثم غادرت بعد ذلك، وكنت متعاطفة مع الإخوان لإصلاح حال البلد فقط، ولم أكن منهم”.
واستطردت: “لم أنزل في المظاهرات بعد الزواج، ولم أتابع ما يحدث على الساحة السياسية”، مشيرة إلى أنها علمت منذ عام أن والدتها خرجت على الفضائيات التابعة للإخوان وقالت إنها اختفت لكنها رفضت أن تحدث والدتها عبر الهاتف في هذا الأمر.
ووجهت زبيدة رسالة إلى والدتها وللمشاهدين، قائلة: “أنا موجودة ومتحبستش، ومحدش هددني ولا هدد أمي، وبقول لأمي ماتزعليش مني وأنا نفسي أشوفك”.
الحلقة المفقودة بين رواية أم زبيدة في الوثائقي وبين بيان الهيئة أن الأبنة اختفت بالفعل عن بيت أهلها وأن والدتها كانت على يقين بأن أبنتها كانت في عهدة أجهزة الأمن، ولأن الأبنة لم تتواصل مع أهلها ولم تخبرهم إنها أخلي سبيلها وتزوجت فظنت الأم أن زبيدة مازالت في عهدة الشرطة، ونقلت ظنونها تلك إلى “بي بي سي”، التي بدورها لم تتحرى باقي الأطراف.
كان أولى بمنتجي الفيلم تحري الدقة ومواجهة الجهات الأمنية بما لديهم من معلومات وراويات للرد عليها بنفيها أو توضيحها قبل الوقوع في تلك الخطيئة المهنية.
بعد ظهور زبيدة فتحت المؤسسات الإعلامية المصرية مطبوعة ومسموعة ومرئية وفضائية نيرانها على المنصة الإعلامية البريطانية، ووسمت بأنها “وسيلة إخوانية صهيونية لها أجندة تهدف إلى نشر الفوضى في ربوع المحروسة”، وكأنهم جميعا بلا خطايا.
كم الجرائم التي ترتكب في الإعلام المصري بشكل يومي لا تعد ولا تحصى، ولو طبق النائب العام ما جاء في قراره الصادر اليوم بمتابعة وضبط وسائل الإعلام التى تبث الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية، واتخاذ الإجراءات القانونية والجنائية ضد وسائل الإعلام التي تبث أخبار وبيانات وشائعات كاذبة، لأحيل معظم رؤساء تحرير غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية إلى التحقيق.
لن أعدد ما يقوم به الزملاء الفضائيون من خطايا تستوجب وقفهم عن العمل وإحالتهم إلى التحقيق، فجرائم النشر في إعلامنا أكبر من أن تحصى.
يا سادة من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.
The post من كان منكم بلا خطيئة appeared first on البديل.
ليست هناك تعليقات