عـر.بـي -
– القانون الجزائري –
الدكتور معاشو عمار
مـقـدمـة
إن الموضوع المختار لمداخلتي في هذا الملتقى يدور حول ” دور القضاء في حماية حقوق الإنسان ”
إذ
يعد الجهاز القضائي من الهيئات الأساسية للقيام بهذا الدور، المتمثل في
حماية الحقوق و تقديم الضمانات، ذلك بإلتزامه الحياد و التطبيق الصحيح
للقانون.
بإعتبار موضوع حماية الحقوق و الحريات أصبح من المواضيع الأكثر
إهتماما في هذا القرن، و هذا ما يؤكده بروز عدة تنظيمات سواء على المستوى
الداخلي أو الدولي تعمل كلها على تكريس الحقوق و الحريات الفردية.
و
عليه من خلال هذا الملتقى الوطني المنعقد في 20/21 نوفمبر 2000 بتلمسان فتح
لنا المجال لتقديم بعض الملاحظات في عدة مواضيع، حيث أن حقوق و حريات
الأفراد قد مست بطريقة
أو بأخرى، و عليه إرتأينا إلى تقديم بعض
الإقتراحات لإصلاح هذه النقائص و ضرورة إعلاء كلمة الحق، و جعل حرية
الإنسان بالفعل من المقدسات التي لا يجب المساس بها إلا حالة الضرورة
القصوى.
فـتـنــاولــــنا في هذه المداخلة ثلاث محاور أساسية ألا و هي :
المحور الأول : فكرة الحبس الإحتياطي و الممارسات القضائية، و ما يجب أن يكون قصد حماية حرية الإفراد.
المحور الثاني : حماية الملكية الخاصة، من الخواص أو المؤسسات ذات الطابع الإداري.
المحور الثالث : مسألة تنفيذ و تطبيق النصوص القانونية.
المحور الأول
الحـبـــس الإحـتـيــاطــي و المـمـارســـات الـقـضــائـــية
مر
مفهوم الحبس الإحتياطي بعدة مراحل، منها ما عرف في العصر الروماني، و
الذي كان يعتمد على قاعدة : ” الـفـرد بـريـئا حـتـى تـثـبـت إدانـتـه “.
و
عليه كان المتهم يتقدم أمام القضاء فيتولى المجني عليه تقديم الدليل على
قيامه بالجريمة و يحق للمتهم الرد على كل ما قدمه الشاكي، و يتولى على ضوء
ما دار في الجلسة صدور حكم القاضي.
و للإشارة فإن الحبس الإحتياطي كان لا يطبق إلا في حالتين :
ـ حال إعتراف المتهم بقيامه بالجريمة.
ـ ضبط المتهم متـلبسا بالجريـمـة.
كما
عرف إلى جانب الحبس الإحتياطي، السراح المؤقت بكفالة و كان يعتبر حقا
للمتهم لا منحة، و لو كانت الجريمة معاقبا عليها بالإعدام شرط تعهده
بالمثول أمام القضاء في اليوم المحدد للمحاكمة.
و بعد ظهور التـنـقيب و
التحري في العصر الإمبراطوري أعطى للمحقق سلطات واسعة، فأصبح له أن يقدر
ظروف القضية و المتهم، و أن يأمر إما بإعتقاله إحتياطيا أو الإفراج عنه
بكفالة أو تركه في حالة سراح، و مع ذلك فإن هذا الحبس كان مشروطا بتوفره
على دلائل خطيرة و واضحة. (01)
و عند مجيء الإسلام تجسدت فكرة الحبس
الإحتياطي بإنتشار الرعية و إتساع رقعة بلاد المسلمين في أيام الخليفة
العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي إشترى دار الصفوان إبن أمية بأربعة
آلاف درهم و جعلها سجنا يحبس فيه كل متهم، إلى أن ثـتـبت عليه التـهـمــة و
إلا يخلي سبيله، و قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه حبس شخصا
بتهمة سرقة بعير، و لم يخل سبيله إلا بعد ظهور أنه لم يقم بسرقة البعير.
(02)
أما العصر الحديث عرف بظهور دساتير و تشريعات مختلفة، و التي تعرضت
لفكرة الحريات الأساسية، و أعطت لها أهمية بالغة بتحديديها و بوضع أسس
قانونية لحمايتها (03)، و رغم ذلك أخذت بالمبدأ المقيد لهذه الحريات و هو
الحبس الإحتياطي، و جعلت له إطار قانوني منظم و محدد.
أولا : الجهات المكلفة و المختصة بالحبس الإحتياطي
توجد عدة هيئات تختص بالحبس الإحتياطي و تتمثل فيما يلي :
الــنــيابــــة : و عليه يستطيع وكيل الجمهورية في حالة التلبس القيام بإيداع المتهم حالة الحبس الإحتياطي. (04)
قاضـي التحـقيق : كلما دعت الضرورة لـذلــك. (05)
قاضي الموضوع : إن القاضي الناظر يصبح من إختصاص هذا الأخير، فيستطيع منح الإفراج أو رفضه.
غـرفــة
الإتـهــام : و لغرفة الإتهام منح الإفراج، ذلك قبل عرض الملف على
محكمة الجنايات كما تختص غرفة المحكمة العليا أيضا بذلك.
ثانيا : مدة الحبس الإحـتياطي
إن
التشريع المعمول به قيد قاضي التحقيق بميعاد و مدة يجب إحترامها إذ تختلف
من موضوع لآخر أو من تهمة لأخرى نذكرها على النحو التالي :
أ) في حالة
جنحة : (الإفراج بقوة القانون) بالرجوع للمادة (124) ق.إ.ج، نرى بأن
الميعاد الممنوح لقاضي التحقيق هو عشرين (20) يوما إذا كان ما إقترفه
المتهم يشكل جنحة، فإن إنـقضت و لم ينتهي قاضي التحقيق تحقيقه، فيكون ملزم
بالإفراج على المتهم إحتياطيا بقوة القانون.
كما تعرضت المادة (125)
ق.إ.ج، للجنح التي تزيد العقوبة عن سنتين إلى ثلاث سنوات، و جعلت المدة
هنا أربعة (4) أشهر غير قابلة للتجديد، أما إذا تجاوزت العقوبة ثلاث سنوات،
فيستطيع قاضي التحقيق تمديدها إلى أربعة (4) أشهر أخرى.
ب) في حالة
جناية : أما إذا كانت الجريمة جناية، فللقاضي حق إجراء التحقيق خلال أربعة
أشهر، و يحق له تجديدها مرتين، و بالتالي يصبح المجموع إثنى عشر (12) شهرا
كأقصى حد (06)، و هذا بشرط أن يعرض الملف على النيابة لتقديم طلباتها
الكتابية و المسببة و التي على ضوئها يصدر قاضي التحقيق قرارا مسببا بتمديد
الحبس الإحتياطي لمدة أربعة (4) أشهر أخرى. (07)
ج) الإفراج التلقائي :
قد يقع الإفراج تلقائيا من قاضي التحقيق دون أن يكون لازما بقوة القانون
بعد إستطلاع رأي وكيل الجمهورية، على شرط أن يلتزم المتهم بالحضور أمام
قاضي التحقيق كلما تم إستدعائه و بإخطاره بجميع تنقلاته. (08)
كما يمكن أن يتم الإفراج بناء على طلب وكيل الجمهورية طبقا للمادة (126/2) ق.إ.ج.
و
إنطلاقا من كل ما سبق ذكره، فالنصوص واضحة و صريحة و بالتالي على قاضي
التحقيق الإلتزام بتطبيق القانون، و إحترام المواعيد التي تعتبر من النظام
العام، زد إلى ذلك أن الموضوع يتعلق بحرية فرد، و فواتها يعد تعسفا في حقه،
و هذا ما وقع فعلا في عدة قضايا خاصة الجنايات منها.
ثالثا : ما يجب أن يطـبق لضمان حماية حرية الأفراد
لقد تبين لنا الإحصائيات من 1986 إلى 1992، أن عدد الأشخاص المحبوسة إحتياطيا تزايد بشكل كبير في فترة قصيرة من :
ـ سنة 1986 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 3448.
ـ سنة 1987 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 3579.
ـ سنة 1988 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 3391.
ـ سنة 1989 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 3328.
ـ سنة 1990 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 3052.
ـ سنة 1991 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 2838.
ـ سنة 1992 بلغ عدد المحبوسين إحتياطيا : 5641. (09)
أ)
حيث أن هذه الأعداد الهائلة تبين لنا أن قضاة التحقيق كانوا و يزالون
يلجاؤن إلى تطبيق الإستثناء و إهمال القاعدة، و هو بقاء المتهم في إفراج،
مما جعل السجون تكتظ و يصعب تنظيمها، و ظهور إنحرافات جديدة، وأمراض معدية
لا يحول دون الوصول إلى تصنيف السجناء.
ب) كما تجعل هذه الظاهرة، قضاة
التحقيق لا يمكنهم في كثير من الأحيان إحترام المواعيد المقررة لإكتمال
التحقيق، و يتجاوزون المدة المرخص بها قانونا، و حتى عمليات التحقيق تكون
بطريقة غير دقيقة و هذا ما يظهر في قراءة محاضر المحررة في مختلف القضايا
(الجنح أو الجنايات).
ج) و ليتمكن قاضي التحقيق من أداء مهامه بدقة، يجب
مضاعفة قضاة التحقيق على مستوى المحاكم، و تقاسم الملفات و حينها يجب
عليهم الرجوع إلى الأصل و هو تطبيق القاعدة و الإبتعاد على الحبس الإحتياطي
إلا عندما يتعلق الأمر بفعل خطير يمس المجتمع، وحتى يمكن السجون أن تلعب
أدوار إيجابية في التكوين و التعليم و المساهمة في التـنمية بخلق نشاطات
مهنية على مستواها و تخفيض من أعباء الدولة.
د) ضرورة تطبيق الإفراج
بكفالة، و ذلك على المواطن و الأجنبي على حد سواء، عكس ما ذهبت إليه
المادة (132) ق.إ.ج في التعديل الأخير (10)، و التي إقتصرت على الأجانب
فقط. إن هذا النص الذي يتناقض و مبادئ أساسية في القانون، و هو المساواة
بين المتهمين دون التمييز على أساس الجنسية أو الصفة في المجتمع.
و عليه فالرجوع إلى الأصل أحسن بكثير بما هو مطبق حاليا لمطابقته لمبدأ العدالة و المساواة و للتقليل من حالات الحبس الإحتياطي. (11)
و
عليه فإن الحرية غالية جدا، و بالتالي لا يجب تفويت هذا الحق على شرائح
عديدة من المجتمع بمبرر غير مطابق للإوضاع الحالية (التمييز بين الفقير و
الغني) التي تساير العالم و كثرة المنظمات الإقليمية و العالمية التي تنادي
بالحرس الحريات الفردية و حمايتها.
فلو طبقت هذه القاعدة في الجزائر
لإستـفاد منها العديد، مثل الإطارات الذين تم إيداعهم الحبس الإحتياطي
لإتهامهم بجنح أو جنايات و عند المحاكمة تحصلوا على البراءة، و بذلك يتفادى
الجهاز القضائي إيداع أشخاص إلا بعد ثبوت التهمة، و بالتالي تقل نفقات
السجون، بل إدخال أموال إلى خزينة الدولة.
هـ) إن التشريعات الحديثة
تداركت الوضع و أصبحت الدولة مسؤولة عن أعمال السلطة القضائية فلقد قرر
المشرع الفرنسي التعويض عن الحبس الإحتياطي بناء عن القانون الصادر في 17
يوليو 1970 و الذي دخل حيز التنفيذ إعتبارا من أول يناير 1971 و كذلك
قانون 05 يوليو 1972 الذي بموجبه تكون الدولة مسؤولة عن أعمال القضاة.
و على ضحايا الخطأ القضائي اللجوء إلى رفع دعوى أمام القضاء المختص للمطالبة بالتعويض. (12)
و
عليه يجب تطبيق ذلك في الجزائر و هذا على المواطن الذي أديع الحبس
الإحتياطي و تحصل على إنتفاء وجه الدعوى، أو البراءة بعد المحاكمة، و
الحصول على تعويض مقابل هذا الخطأ القضائي، و بالتالي يعد هذا ضمان أساسي
للحريات الفردية.
و تطبيق هذه القاعدة، تجعل قضاة التحقيق يتحذرون
اللجوء إلى الحبس الإحتياطي، و عليه يتفادى تطبيق الإستثناء و يحرص على
تطبيق القاعدة أساسا، و الحبس الإحتياطي كإستثناء.
المحور الثاني
حـمـايـــــة المـلكــــــية الخـــــاصـــــــة
تعد
الملكية الخاصة من الحقوق الواجب إحترامها من الدولة و مختلف هيئاتها، و
هذا بالعمل على تقديسها بوضع و تخصيص لها قواعد شاملة و واضحة.
إلا أننا
بعد مراجعة النصوص المتناثرة التي تنظم العقار، نجد فيها قواعد تبـيح و
تسمح بالتعدي بدون سند قانوني و لا وجه حق، و نستعرض إلى هذه النقطة من
خلال دراسة نموذج عقد الشهرة و كذا نزع الملكية للمنفعة العامة.
أولا : عقد الشهرة
إن
عقد الشهرة من بين الإجراءات التي وضعت عن طريقها التمكن من إكتساب أملاك
عقارية بمجرد فوات مدة الـتـقادم المكسب أو المواعيد الخاصة بالحيازة. (13)
و
تبين لنا من ذلك أن هذا المرسوم جاء بمفهوم جديد لإكتساب الملكية و أصبح
يلغي عقود رسمية مسجلة، عكس ما هو عليه عقد الملكية إذ لا يمكن إلغاءه إلا
بدعوى التزوير.
و عليه نرى من الضروري إجراء تعديل تشريعي للمرسوم الذي
ينظم عقد الشهرة و إقتصاره على الأراضي التي لا مالك لها، أو الأراضي التي
لا تحتوي على عقود الملكية.
و بالتالي فالعقارات التي لها عقود رسمية لا
يمكن بأي حال من الأحوال الحصول عليها باللجوء إلى الإجراءات الواردة في
المرسوم المنظم لعقد الشهرة، لأن حق الملكية حق دائم لا يسقط بعدم
الإستعمال.
ثانيا : نزع الـملكية للمنفعة العامة
إن إجراء نزع
الملكية و هو من بين الإستثناءات التي تمس بقدسية حق الملكية، فعلى الهيئات
الإدارية المعنية بهذه العملية أن تحتر م ما جاء في القانون من حقوق و
إلتزامات (14)، طبقا لما نصت عليه المادة 20 من الدستور الجزائري لـ 28
نوفمبر 1996، و بالتالي لا يمكن القيام بأي إجراء إلا بإحترام :
ـ دفع التعويضات المقررة قانونا قبل إنطلاق الأشغال في الأماكن المختارة و التي كانت محل النزاع.
ـ
ضرورة تطبيق نفس السعر المطبق في بيع العقارات من جانب مصالح الضرائب على
التعويض و بالتالي تصبح عملية تقدير التعويض من المشاكل التي تحل ببساطة.
(15)
ـ ضرورة تحديد الطرف المستفيد من النزع لكي يتمكن صاحب الأرض المنزوعة الحصول على تعويضه بسهولة و بسرعة، و توظيف أمواله.
ـ
ضرورة تعويض الشخص الذي إنتزعت منه قطع أرضية دون إستغلالها كما كان مقرر
لصالح المنفعة العامة بعد فوات مدة أربعة (4) سنوات المقررة قانونا.
و هنا نكون بصدد تطبيق النظرية التي تكون على أساس الضرر فقط دون وجود خطأ و لا نظرية المخاطر.
ـ
منـح حـق إسترجاع الأراضي المنزوعة إذا إستعملت في غير المصلحة العامة، و
هذا تكريسا لقدسية الملكية لخاصة، ليس كما هو الحال في الواقع العملي أين
نجد العديد من الأراضي المنزوعة حُوِلَ مشروع نزعها و تم التصرف فيها و
توزيعها إلى أغراض أخرى.
المحور الثالث
تـنــفـــيذ الأحـكــــام الـقــضائــــية
لا
شك إن طبق مبدأ الفصل بين السلطات تطبيقا حرفيا لا يترك مجالا للإجتهاد
القضائي بخلق القواعد القانوينة، لأن مهمة السلطة القضائية تنحصر في تطبيق
القانون و ليس في إنشائه.
كما أن مقررات الهيئات القضائية تصدر بصدد
قضايا معينة لا تتناول الحلول المتبناة إلا النزاعات المطروحة على ضوء
تطبيق القواعد القانونية، قد تختلف طريقة تطبيق هذه القاعدة من قضية إلى
آخرى حتى و لو وجد تَمَاثُلْ بينها، بدليل أن المحكمة ليست ملزمة بإنتهاج
نفس الطريقة في تطبيق تلك القاعدة.
و بناء على مسبق سوف نتعرض إلى بعض أمثلة تظهر إنتهاك حق المواطنين بسبب سوء تطبيق القاضي للنصوص القانونية :
أولا : عدم تطبيق أحكام المادة (40) ق.إ.م على حوادث المرور الجسمانية
إذا رجعنا إلى المادة (40) ق.إ.م، التي تنص على أنه :
”
يؤمر بالتنفيذ المعجل، رغم المعارضة أولا الإستئناف في جميع الأحوال التي
يحكم فيها بموجب سند رسمي أو وعد معترف به حكم سابق نهائي أو في قضايا
النفقة ؛
و يجوز للقاضي في جميع الأحوال الأخرى، أن يأمر في حالة
الإستعجال بالتنفيذ المعجل بكفالة أو بدون كفالة ؛ و مع ذلك يصح أن ترفع
المعارضة في التنفيذ المعجل إلى الجهة القضائية التي تنظر في الإستئناف أو
المعارضة ؛
و تنظر الجهة القضائية المختصة في هذه المعارضات في أقرب جلسة. ”
إن
النص يسمح لقضايا حوادث المرور تطبيق هذا النص، و لكن للأسف الجهات
القضائية المدنية أو الجزائية لا تدرج فكرة النفاذ المعجل، و هذا ما يجعل
ذوي الحقوق لا يتحصلون على التعويضات إلا بعد فوات مدة طويلة، أي بعد
إستنفاذ كل الطعون العادية. (16)
و خلال هذه الفترة نجد الضحية تدفع
مصاريف الخبرة في العلاج و التداوي، و بالتالي فمن ضروري الأخذ بالمادة
(40) ق.إ.م، و على الهيئات القضائية تطبيقها لأن حق التعويض مكرس قانونا
مهما كانت الظروف.
ثانيا : عدم تطبيق الغرامة التهديدية على الهيئات الإدارية
لقد
صدر في المدة الأخيرة إجتهاد قضائي حول المسائل الإدارية و المتضمن عدم
فرض الغرامة التهديدية على الهيئات الإدارية، و هذا يعد خرقا للقانون و
إبعاد نص المادتين الخاصة بالغرامة التهديدية (340، 471) ق.إ.م.
و عليه
فإن تطبيق هذ الإجتهاد غير القانوني يعني المساس بحقوق مواطنين أمام تسلط
الهيئات الإدارية، و الغريب في الأمر أن قرار المجلس الأعلى في ملف 28881
القرار المؤرخ في 27/06/1983 الذي يؤكد على :
” إن الحكم على الولاية بغرامة تهديدية يكون من إختصاص القاضي الإداري ” (17)
فمن
غير المعقول أن تكون إجتهادات قضائية بهذا الشكل الأول فالإجتهاد يؤكد حق
طلب الغرامة التهديدية، “و هذا ما ينطبق فعلا مع القانون”، بينما الإجتهاد
القضائي الثاني الصادر في 1999 يعد غير قانوني لأنه يبعد فرض الغرامة
التهديدية على المؤسسات العمومية منتهكا نص قانوني، و إعتداء على إختصاص
السلطة التشريعية.
إن مثل هذا القرار قد ألحق أضرار و ما زال يلحق
أضرارا بحقوق المواطنين الذين خاصموا الهيئات الإدارية و التي ترفض تنفيذ
أحكام قضائية نهائية و عليه لا يبقى أمام هؤلاء إلا اللجوء للمطالبة بتنفيذ
الأحكام القضائـية بإعتماد الغرامة التهديدية المنصوص عليها في المادتين
(340، 471) ق.إ.م.
و عليه لحماية الحقوق و حريات الأفراد يجب التراجع
على مثل هذه القرارات و تطبيق النصوص القانونية، التي لا تفضل بين الهيئات
الإدارية و الأفراد، بل تقوم بالموازنة بين حقوق الطرفين.
الخـاتـمـة
إن الضمانات القضائية من أهم الطرق التي تسمح لكل شخص إنتهكت حقوقه أو حرياته أن يتحصل على التعويضات المادية و المعنوية.
و يعتبر جهاز العدالة هي مرآة تعكس لنا طبيعة المجتمع و سلوكاته مستوى ثقافته فعليه يجب أن تمنح له المرتبة التي يستحقها.
و بإنحراف هذا الجهاز القضائي على ما هو منتظر منه، مثلما ذكر في الأمثلة السابقة، تجعل المواطن يفقد ثقته فيه.
و لحسن ضمان حقوق المواطنين على الجهاز القضائي ضرورة إحترام القانون و تطبيق نصوصه دون أي تأثير و ضغوط تخدم المصالح الخاصة.
كما يجب إحترام تعديل القانون الذي يكون بتعديل النص بنص آخر، و ليس إصدار قرار من مجلس الدولة أو المحكمة العليا يناقض نصا صريحا.
إن
الحقوق و الحريات لا تكون محمية إلا في ظل جهاز قضائي حر، يعمل على تطبيق
القانون و تحقيق العدالة و نلخص إلى القول ” إعطاء كل ذي حق حقه “، و
بالتالي يعلو دور و شأن هذا الجهاز، و يصبح المجتمع يعيش في تقاليد و عادات
قانونية مبنية على إحترام حقوق الغير
و حمايتها.
الدكتور معاشو عمار
ــــ الحـواشـي ــــــــــــــــــــــ
(01) مقراني حمادي (رئيس غرفة لدى المحكمة العليا) – المجلة القضائية – قسم المستندات و النشر للمحكمة
العليا – العدد الأول – الجزائر 1995، ص 23/24.
(02) مقراني حمادي – المرجع السابق، ص 24.
(03)
أنظر المادة (47) من الدستور الجزائري لسنة 1996 التي تقضي بأنه لا يتابع
أحد و لا يوقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة
بالقانون.
و أنظر جيلالي بغدادي – التحقيق دراسة مقارنة نظرية و تطبيقية
– الطبعة الأولى – الديوان الوطني للإشغال
التربوية – الجزائر 1999، ص 185.
(04) أنظر المواد 58 و 59 و ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
(05) أنظر المادتين 125 و 126 من ق.إ.ج.
(06) (07) أنظر المادة (125) من ق.إ.ج. و أنظر – جيلالي بغدادي – المرجع السابق، ص 185.
(08) أنظر المادة (126/1) من ق.إ.ج.
(09) المجلة القضائية الجزائرية – العدد الأول – الجزائر 1995، ص 42.
(10) المادة (129) ق.إ.ج التي كانت قبل تعديل بقانون رقم 75/46 المؤرخ في 17 يوليو 1975.
(11) جيلالي بغدادي – المرجع السابق، ص 185.
(12)
فريجة حسين – مبررات عدم مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية و
تطورها – المجلة القضائية الجزائرية – العدد الثالث –
الجزائر 1993، ص 320.
(13) أنظر المرسوم رقم 83/652 المؤرخ في 21/05/83
المتضمن الإجراء لإثباب التقادم المكسب و إعداد عقـد شهرة المتضمن
الإعتراف بالملكية
أنظر كذلك المادتين 827، 828 من القانون المدني.
و أنظر حمدي باشا عمر – مبادئ القضاء العقاري – دار العلوم للنشر و التوزيع – الجزائر 2000،
ص 163/164.
(14) أنظر قانون 91/11 المؤرخ في 27/04/91 المتضمن قواعد نزع الملكية للمنفعة العامة.
أنظر
مقداد كولوغلي – نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية – المجلة القضائية –
العدد الثاني 1996 – قسم المستندات بالمحكمة
العليا – الجزائر 1998 – ص 29 و ما بعدها.
(15) أنظر قانون 93/271 المؤرخ في 13/11/93 المتضمن كيفية تقسيم الأراضي المبنية و غير المبنية.
أنظر كذالك حمدي باشا عمر – المرجع السابق – ص 173 و ما بعدها.
(16) أنظر المادة (102) و ما بعدها من القانون الإجراءات المدنية.
(17) أنظر المجلة القضائية – العدد الأول – الجزائر 1989 – ص 185.
ـــــــ المراجع المعتمد عليها ــــــــــــــ
أولا : الـمـؤلـفــات و الـمـقالات
1)
جيلالي بــغــــــدادي – التحقيق دراسة مقارنة نظرية و تطبيقية – الطبعة
الأولى – الديوان الوطني للإشغال التربوية – الجزائر 1999.
2)حمدي باشا عمر – مبادئ القضاء العقاري – دار العلوم للنشر و التوزيع – الجزائر 2000.
3)
فريــجـــة حسـيــن – مبررات عدم مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية
و تطورها – المجلة القضائية – قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا –
العدد الثالث – الجزائر 1993.
4) مـقـراني حـمـــادي (رئيس غرفة لدى
المحكمة العليا) – المجلة القضائية – قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا
– العدد الأول – الجزائر 1995.
5) مـقـداد كـولـوغـلـي – نزع الملكية
من أجل المنفعة العمومية – المجلة القضائية – قسم المستندات و النشر
للمحكمة العليا – العدد الثاني 1996 –
الجزائر 1998.
ثانيا : القوانــين و المراسيم التـشريـعية
1) الدستور الجزائري لسنة 1996 لـ 28 نوفمبر 1996.
2) قانون الإجراءات الجزائية الجزائري.
3) قانون الإجراءات المدنية الجزائري.
4)القانون المدني الجزائري.
5) قانون رقم 91/11 المؤرخ في 27/04/91 المتضمن قواعد نزع الملكية للمنفعة العامة.
6)قانون رقم 93/271 المؤرخ في 13/11/93 المتضمن كيفية تقسيم الأراضي المبنية و غير المبنية.
7) المرسوم رقم 83/652 المؤرخ في 21/05/83 المتضمن الإجراء لإثباب التقادم المكســب
و إعداد عقد شهرة المتضمن الإعتراف بالملكية.
المجلة القضائية – قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا – العدد الأول – الجزائر 1989.
9)المجلة القضائية – قسم المستندات و النشر للمحكمة العليا – العدد الأول – الجزائر 1995.
دور القضاء في حماية حقوق الإنسان القانون الجزائري تم اضافه الموضوع بواسطة 3ar.be
ليست هناك تعليقات