الأربعاء، 23 أغسطس 2017

ماذا وراء التصعيد الأمريكي ضد حكومتي باكستان وأفغانستان؟

البديل
ماذا وراء التصعيد الأمريكي ضد حكومتي باكستان وأفغانستان؟

 

الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أفغانستان التي تعتمد على محاورة حركة طالبان، يبدو أنها لن تعمر طويلًا، فترامب لا يريد المحاورة فقط بل زيادة السطوة الأمريكية في أفغانستان عن طريق زيادة عدد القوات الأمريكية فيها، ما من شأنه إحباط أي مساعي سياسية في المسار الدبلوماسي، خاصة أن خيار العصا غلّبه ترامب على خيار الجزرة.

قبل خوضه أي مسار سياسي، زاد ترامب من عدد جنوده في البلد الأسيوي، حيث اعترض الرئيس الأمريكي على انسحاب سريع من أطول صدام عسكري خاضته أمريكا حيث فشلت الولايات المتحدة في القضاء عليها بعد 16 عاما من الحرب، وفتح ترامب الباب أمام زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان في إطار استراتيجية جديدة للمنطقة.

ولم يحدد ترامب عدد الجنود الأمريكيين الذين سيتم إرسالهم، لكن لدى وزير الدفاع جيمس ماتيس، خططا لإرسال نحو أربعة آلاف جندي آخرين إلى جانب 8400 جندي موجودين حاليا في أفغانستان.

وبالتوقف عند وزير الدفاع الأمريكي الأمريكي والذي زار العراق بالأمس، نجد أن هناك مقاربة في الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، فماتيس كان يبحث مستقبل القوات الأمريكية في العراق مابعد داعش، وبالتالي تحاول واشنطن تعزيز تواجدها العسكري في المنطقة، ودائمًا ما تبرر هذا التواجد بمحاربتها لكيانات إرهابية غالبًا ما تكون لها أيدي خفية في صناعتها كطالبان وداعش، ففي السابق كانت واشنطن حليفة لطالبان عندما تقاطعت مصالحها مع الحركة الأفغانية فلم تمانع من ظهورها في بداية، لكن سرعان ما اختلفت المصالح بعد ذلك فانقلب الوضع وأصبحت من ألد أعدائها.

في البداية، رغبت الولايات المتحدة في ضرب الأصولية الأفغانية بأخرى تستطيع تطويعها في فلك السياسة الأمريكية بعد ذلك، ورغبت واشنطن كذلك في تشديد الحصار على النفوذ الإيراني ومنعه من التوغل تجاه الشرق وبخاصة في جمهوريات آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين التي تحوي أكبر ثاني احتياطي نفطي في العالم بعد الخليج العربي، لذلك لم تمانع الولايات المتحدة ولم تقف حجر عثرة أمام تقدم طالبان.

كما أن لأمريكا مصالح مع طالبان، كانت لباكستان مصالحها هي الأخرى مع الحركة، وكانت واشنطن تغض الطرف عن علاقة الحكومة الباكستانية بهذه الحركة، فإسلام آباد كانت تسعى إلى التعاون مع حكومة صديقة في أفغانستان لتسهيل عمليات التبادل التجاري بينها وبين جمهوريات آسيا الوسطى، ولم تجد بغيتها في حكومة رباني ومسعود التي اتهمتها بالتعاون مع الهند، وحاولت الإطاحة بتلك الحكومة عن طريق حكمتيار ودورهم لكنها فشلت في ذلك، فلما ظهرت طالبان سارعت باكستان إلى دعهما والتعاون معها.

ويبدو أن واشنطن الآن لم تعد راضية على التعاطي الباكستاني مع طالبان، فبالأمس قال الرئيس الأمريكي إن باكستان ستخسر الكثير إذا واصلت التستر على الإرهابيين في أراضيها، وشدد ترامب على أن “باكستان ستحصل على الكثير إذا انضمت إلى جهودنا في أفغانستان، وهي ستخسر الكثير إذا واصلت إيواء الإرهابيين”.

في المقابل، أعربت وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم الأربعاء، عن “خيبة أملها” بشأن تصريحات الأمريكية، ونفت أي اتهامات حول احتضانها للجماعات الإرهابية.

الرئيس الأمريكي وجه انتقاداته أيضًا للحكومة الأفغانية، قائلا إن دعم واشنطن لها ليس شيكًا على بياض، وأن عليها المضي قدمًا في تحقيق لما سماه ترامب إنجازات حقيقية وملموسة.

التصعيد الأمريكي لا يبدد مخاوف واشنطن من زيادة النفوذ الروسي في أفغانستان، وإذا كانت روسيا تنسق مع إيران في الملف السوري، فليس مستغربًا أن يكون هناك تنسيق عالي المستوى بين موسكو وطهران في الملف الأفغاني، فروسيا بدأت بالتنسيق مع إيران لتقرير مصير أفغانستان ولمجابهة التدخّل الأمريكي هناك، وفي إبريل الماضي استضافت محادثات عالية المستوى حول أفغانستان مع الإيرانيين، بحضور دبلوماسيين صينيين وباكستانيين.

كما أن الروس، بالتنسيق مع حلفائهم الإيرانيين، بدأوا منذ فترة طويلة بشرعنة طالبان علناً، وهو ما قاله الجنرال جون نيكلسون في شهادة لمجلس الشيوخ الأمريكي في فبراير الماضي، مؤكدا أن موسكو تتشاور مع طهران حول دعم طالبان.

قرار ترامب الأخير بزيادة الجنود الأمريكيين في أفغانستان يبدو محاولة لتقويض نفوذ روسيا في أفغانستان، فموسكو فتح مؤخرًا قنوات اتصال جادة مع طالبان، ويعتقد خبراء أمريكان أن روسيا وإيران ستحاولان ملء الفراغ الحاصل نتيجة التراجع العسكري الأمريكي في حال سحبت قواتها، الأمر الذي دفع ترامب لتهيئة زيادة عتاده العسكري في أفغانستان.

ويرى مراقبون أنه رغم قوّة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية والاستخباراتية، فإن واشنطن لم تستطع بعد استيعاب أن ربحها للحرب في أفغانستان أشبه بمعادلة رياضية مستحيلة الحل، فالحرب لا يمكن ربحها بأي حال من الأحوال، فبغض النظر عن وعورة التضاريس الأفغانية، فإن لحركة طالبان أنصار في الداخل، كما أن تموضع أفغانستان في المجال الحيوي الروسي وحدودها المجاورة لطهران، أمور تقوض من فرص واشنطن في تمكين وضع مستقر لها في أفغانستان كدولة محتلة له.

The post ماذا وراء التصعيد الأمريكي ضد حكومتي باكستان وأفغانستان؟ appeared first on البديل.


ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة عربي التعليمية 2015 ©