الأربعاء، 31 يناير 2018

«فندق الكونتيننتال» في خبر كان.. هدم التاريخ من أجل الاستثمار

البديل
«فندق الكونتيننتال» في خبر كان.. هدم التاريخ من أجل الاستثمار

في تجاهل واضح لكافة الصرخات التي خرجت من المهتمين بالتراث المصري والتاريخ، والتي كان آخرها رفض واستنكار الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، قرار رئيس مجلس الوزراء بهدم عمارة و فندق الكونتيننتال بميدان الأوبرا ، معللًا ذلك بأنه جزء من قلب القاهرة القديم، ولا بد من الحفاظ عليه. حيث بدأت الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق “إيجوث” في تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء بهدم المرحلة الأولى من عمارة و فندق الكونتيننتال بميدان الأوبرا، بعد أن أصدرت محافظة القاهرة رخصة الهدم النهائية الخاصة بالفندق، بشارع 26 يوليو التابع لحي عابدين، وتعويض أصحاب المحلات التي تقع أسفله.

صرخات في بلد الاستثمار

صرخات المهتمين قالت إن هذا المبنى وغيره من المباني القديمة بمنطقة وسط البلد، أو ما يطلق عليها القاهرة الخديوية، يجب الحفاظ عليها وصيانتها وترميمها طبقًا لأصولها المعمارية، التي تعبر عن تقدم وازدهار مصر في مجال العمارة، ولكن التاريخ لا يتم الاهتمام به في بلد الاستثمار.

يأتي هدم الفندق التاريخي وإعادة بنائه؛ لعمل جراح تحت الأرض، وزيادة الطاقة الفندقية إلى 248 غرفة و16 جناحًا، واشترطت محافظة القاهرة في الترخيص الاحتفاظ بنفس الطابع المعماري والشكل التاريخي للفندق، الذي كان أحد معالم القاهرة التاريخية.

الهدم بعد الموافقة

الشركة القابضة للسياحة عللت هدم فندق الكونتيننتال بأنه للحفاظ على حياة المارة والعاملين بممر الكونتيننتال، حيث إن المبنى آيل للسقوط، على حد قولهم، خاصة أن الفندق مغلق منذ عام 1985، وأشارت على لسان ميرفت حطبة رئيس الشركة إلى أنه لم يتم الهدم إلا بعد قرار مجلس الوزراء بالتعاون مع محافظة القاهرة والجهات المعنية، مع الحفاظ على واجهة الفندق التي تعتبر ذات طبيعة أثرية وتراثية.

الشركة العامة للسياحة “إيجوث” أصدرت بيانًا حول هدم فندق كونتيننتال، قالت فيه إن الهدم حرصًا من الدولة وأجهزتها للحفاظ على حياة المواطنين وأملاكهم وتفاديًا للخطر الداهم على المارة وأصحاب المحلات، وإن الشركة تعمل على تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستخراج ترخيص الهدم باعتبار العقار منشأ آيلاً للسقوط.

مبررات الهدم

وبررت الشركة فكرة الهدم بأنه في عام 1999، ونظرًا لسوء حالة المبنى، سقطت الوحدة الخارجية لجهاز التكييف الخاص بالمحل المؤجر للمواطن محمد سيد العسكري، أدى إلى وفاة المواطنة ريهام منير الشاذلي، وقد صدر حكم في القضية رقم 3400 لسنة 2000 إداري عابدين بإلزام الشركة بتعويض ورثة المتوفاة بالتضامن مع محافظة القاهرة وحى عابدين.

وعن ترميم المبني ذكر بيان الشركة أنه قد تم ترميم وتنكيس وإزالة غرف السطح وفقًا للقرار رقم 6 لسنة 2001 الصادر من محافظة القاهرة بمعرفة شركة “إيجوث”، ثم حدث نزاع مع أصحاب المحلات، حيث قررت محكمة استئناف القاهرة الدائرة (57 إيجارات) بتاريخ 12/11/2002 ندب لجنة ثلاثية من كلية الهندسة بجامعات القاهرة وعين شمس وحلوان؛ لبيان حالة المبنى ومدى سلامته وأمنه على قاطنيه والمنطقة المحيطة، حيث أوصت اللجنة بضرورة هدم وإزالة جميع أجزاء المباني الأربعة بكامل مشتملاتها.

ترميم لم يأتِ بنتيجة

ولفت البيان إلى أنه بتاريخ 26/7/2003، وبناءً على انهيار وسقوط أجزاء من سقف ممر الكونتيننتال، قام الدكتور علي عبد الرحمن استشاري الإنشاءات وأستاذ المنشآت الخرسانية بكلية الهندسة – جامعة القاهرة، بمعاينة أوضحت أن السقف المنهار نتج من تآكل التسليح العلوي؛ بسبب الصدأ في جميع الأسياخ، وأوصى بإزالة كل الأحمال الإضافية والأرضيات والقواطيع للدور العلوي، وقامت شركة “إيجوث” بالتنكيس والترميم وفقًا لما جاء بالتقرير.

وبتاريخ 29/9/2006، وبناء على وجود شروخ وتسريب للمياه الجوفية بالجراج تم تكليف الدكتور علي عبد الرحمن بإعداد تقرير فني عن الحالة الإنشائية للعقار، حيث أعد تقريرًا عن المنشأ، وانتهى فيه إلى أن العقار غير آمن إنشائيًّا، وأن علاج أجزاء العقار من الحوائط الحاملة والأسقف المتسببة غير ذي جدوى اقتصاديًّا؛ لتدهور حالة المبنى بصفة عامة وتدهور حالة الأعمدة في دور البدروم، وأوصى بإزالة العقار بالكامل.

منشأ آيل للسقوط

وأوضح البيان أنه بتاريخ 14/8/2014 تم تحرير محضر رقم 24 أحوال، وذلك لانهيار سقف الحجرة رقم (319)، حيث تم معاينة الأجزاء المنهارة بمعرفة مكتب الاستشارات الهندسية “إيكو”، وأوصى التقرير بأن المبنى بحالته الراهنة يستدعي إجراء كثير من الترميمات والمعالجات، وهي ليست ذات جدوى، ولن تُضمَن معها سلامة المنشأ. وبتاريخ 12/7/2015 صدرت موافقة اللجنة الدائمة لحصر المباني ذات الطراز المعماري على هدم المبنى في ضوء تدهور حالته الإنشائية؛ بوصفه منشأ آيلاً للسقوط، مع الحفاظ على الواجهة المطلة على شارع عدلي، وعند إعادة البناء يتم الاحتفاظ بالنمط المعماري والحفاظ على نفس المسميات للقاعات الحالية ونفس الارتفاعات.

وقالت الشركة إنها ستقوم بتعويض مستأجري المحلات، مع تعهدها بمنح المستأجرين عقود إيجار جديدة لنفس المساحات.

تاريخ الفندق

ووفق موسوعة «مدينة القاهرة في ألف عام» للدكتور عبد الرحمن زكي أسس الفندق رجل يوغسلافي سنة 1899، واحتل موقعًا بارزًا في السياسة المصرية، إذ كان من رواد بهوه الرئيسي الزعيم سعد زغلول، وأحمد زيور باشا – رئيس الوزراء في عشرينيات القرن الماضي – وعدد آخر من أبرز الساسة في ذلك الزمان، بل إنه في إحدى قاعات هذا الفندق أعلن الملك فؤاد الملكية واستقلال مصر عن إنجلترا في مارس 1922.

كما كان الفندق مقرًّا لإقامة الضابط الإنجليزي توماس إدوارد لورانس الشهير بـ«لورانس العرب»، عندما وصل إلى مصر للمرة الأولى في ديسمبر 1914، بينما شهد أحد أجنحته وفاة اللورد «كارنارفون» عام 1923، وهو ممول أبحاث هاورد كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون، وكان كارنارفون عائدًا لتوه من الأقصر، وداهمه مرض غامض قيل إنه بسبب لدغة إحدى الحشرات هناك.

The post «فندق الكونتيننتال» في خبر كان.. هدم التاريخ من أجل الاستثمار appeared first on البديل.


ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ مدونة عربي التعليمية 2015 ©